التّوافق “شغّال”… وبرّي: لا تحلُموا!

التّوافق “شغّال”… وبرّي: لا تحلُموا!

الكاتب: ملاك عقيل | المصدر: اساس ميديا
17 تشرين الثاني 2025

بعد اكتمال كلّ التواقيع الرئاسيّة والوزاريّة، تُرسِل اليوم رئاسة الجمهوريّة مشروع القانون المعجّل للتعديلات على قانون الانتخاب إلى مجلس النوّاب. لكن ليس لهذه الخطوة الدستوريّة أيّ تأثير فعليّ على تصويت المغتربين الذي دفع الرئيس نبيه برّي، على خلفيّة الكباش الحادّ في شأنه، وتحديداً مع “القوّات اللبنانيّة”، إلى الحديث عن “حملة مبرمجة تستهدفني شخصيّاً، وهذه الغزوة من طرف معروف ولن أردّ أبداً”.

 

ثلاثة أمور أساسيّة تحدّث عنها الرئيس برّي في الإعلام في سياق الانقسام السياسيّ بشأن تصويت المغتربين للنوّاب الـ128 في الداخل، وهي:

– لا يمكن الوصول إلى قانون انتخابيّ إلّا بالتوافق، وهو من الأمور الأساسيّة وذكره الدستور أربع مرّات. باختصار يقولها برّي: “لا تحلموا”.

– تحذيره السابق من رمي الحكومة “كرة النار”، كما وصفها، إلى المجلس النيابيّ.

-الانتخابات في موعدها، فلا تمديد ولا تأجيل.

لا تمديد لمهلة التّسجيل

ماذا عن المسار المحتمل لبتّ مسألة تصويت المغتربين لـ128 نائباً، الذي يرفضه “الثنائي الشيعيّ”، وتضغط “القوّات” و”الكتائب” وعدد من القوى السياسيّة لإقراره؟

تنتهي مهلة تسجيل المغتربين في الخارج الخميس المقبل. في الوقائع، هناك استحالة لالتئام الهيئة العامّة لمجلس النوّاب من أجل تمديد مهلة التسجيل، لسببين أساسيَّين هما نتاج “المَشكَل” الانتخابيّ:

– يرفض الرئيس برّي الدعوة إلى جلسة للهيئة العامّة، يُقاطعها أساساً “الثنائيّ المسيحيّ” مع عدد من النوّاب، وهو ما طيّر نصابها لأكثر من مرّة. يتأتّى هذا الرفض من إصرار برّي على استئناف جلسة 29 أيلول الماضي التي بقي محضرها “مفتوحاً” حتّى الآن، ولم يُستكمل جدول أعمالها، ومن ضمنه إقرار قرض البنك الدوليّ بقيمة 250 مليون دولار لزوم إعادة الإعمار، والبند المرتبط بمطار القليعات.

– رفض برّي المطلق لإحالة مشروع قانون الحكومة إلى الهيئة العامّة، من دون مروره باللجنة النيابيّة الفرعيّة التي تدرس اقتراحات قوانين الانتخاب. بالمقابل، فتح باب النقاش حول تعديل القانون ستقابله تعديلات بالجملة من قبل الثنائي الشيعي، على رأسها خفض سن الاقتراع إلى 18 عاماً، وتعديل بعض الدوائر، واعتماد صوتين تفضيليين.

بالتالي، وفق المعلومات، ما ستعلنه وزارتا الخارجيّة والداخليّة خلال أيّام سيُشكّل الرقم النهائيّ لأعداد المغتربين المسجّلين في الخارج. حتّى يوم الخميس الماضي بلغ عدد المسجّلين 55,548، وأيّ زيادة على هذا الرقم لن تشكّل فرقاً، ليس فقط لأنّ الرقم متدنٍّ ولا يسمح بفتح القنصليّات والسفارات في دول العالم لإنجاز عمليّة الاقتراع على أساسه، بل لأنّ هذا التسجيل الاغترابيّ لن يسلك أصلاً مسار المشاركة في انتخاب نوّاب الداخل الـ128.

قرار نهائيّ

وفق معطيات “أساس”، قرار الثنائيّ الشيعيّ رفض تصويت المغتربين من الخارج نهائيّ وحاسم ولا عودة عنه. عند هذا المعطى الثابت ستدور كلّ النقاشات التي ستفضي إلى تسوية، أو تخريجة توافقيّة تمهّد لحصول الانتخابات في موعدها، إذا لم يستجدّ أيّ طارئ أمنيّ أو عسكريّ. هي تسوية يجري فعلاً التوافق عليها، خصوصاً بين رئيسَي الجمهوريّة ومجلس النوّاب وعدد من الكتل الأساسيّة في البرلمان.

عليه، إذا جرت الانتخابات في موعدها فستكون وفق الآتي:

– لا تمديد لمهلة التسجيل في الخارج.

– تعليق العمل بمقاعد الاغتراب الستّة في القارّات.

– تصويت المغتربين محلّيّاً عبر القدوم إلى لبنان والمشاركة في الاقتراع، كلّ بحسب دوائر قيده.

– من تسجّل في الخارج يحتفظ بحقّ التصويت من لبنان للنوّاب الـ128، كما قال برّي حرفيّاً: “كلّ المسجّلين في الخارج فليشرّفونا. هذا بلدهم، ويستطيعون الانتخاب لأعضاء البرلمان”.

– إقرار الميغاسنتر، أي مراكز الاقتراع الكبرى. وهي حاجة ماسّة بحكم الوضع الأمنيّ في جنوب لبنان.

– احتمال تمديد موعد إجراء الانتخابات النيابيّة حتّى تمّوز، تمهيداً لوصول أكبر عدد ممكن من المغتربين. هذا مع العلم أنّ الرؤساء الثلاثة، إضافة إلى “الحزب”، يفضّلون التزام الموعد في أيّار 2026.

وفق أوساط عين التينة، “ليس هناك أيّ لبس في أنّ مشروع الفريق الخصم تحويل قانون الانتخاب إلى أداة عزل ومحاصرة للثنائيّ الشيعيّ، ليس فقط من خلال محاولة خرق البلوك الشيعيّ، بل انتزاع قدرة الثنائيّ وحلفائه على إدارة لعبة “الثلث” أو الأكثريّة داخل مجلس النوّاب”، وتؤكّد هذه الأوساط أنّ “هذا المشروع سيسقط، ولا انتخابات من دون توافق. وجرّبونا”.

في المقابل، تفيد المعلومات بأنّ معارضي برّي يتحضّرون لإعادة طرح العريضة النيابية للضغط على الرئيس برّي لإدراج مشروع قانون الحكومة على جدول أعمال الجلسة التشريعية.

ارتياب في عين التّينة

حتّى إنّ التخريجة الحكوميّة أدخلت شعور الارتياب إلى عين التينة. طلبت الحكومة في مشروع القانون تعليق العمل بمقاعد الاغتراب الستّة المنصوص عليها في قانون الانتخاب النافذ، بصورة استثنائية، أي لمرّة واحدة.

يرى برّي أنّ هذا الاستثناء يدين الفريق الآخر، إذ يقول: “إن كانت مقاعد الاغتراب غير مفيدة وسيّئة فالغوها، وإذا هي عامل وطنيّ محفّز للمغتربين فلماذا لا تسيرون بالقانون كما هو وتعطوهم حقّهم في أن يتمثّلوا بنوّاب في الاغتراب؟”.

يأخذ برّي على الحكومة تشكيلها لجنتين وعدم أخذها بتوصيات أيّ منهما، بما في ذلك التقرير التقنيّ الذي أعدّته الحكومة السابقة واعتُبر بمنزلة المراسيم التطبيقيّة للموادّ المرتبطة بمقاعد الاغتراب، وتصويت المغتربين لنوّابهم في القارّات الستّ.

أزمة “الفسّيدين”

على هامش المواجهة الانتخابيّة الحادّة، تفرّعت “أزمة الفسّيدين” اللبنانيّين في الولايات المتّحدة الأميركيّة، التي دشّنها رئيس الجمهوريّة جوزف عون ولاقاه فيها الرئيس برّي والنائب جبران باسيل، ونوّاب آخرين.

كشف الرئيس برّي أمام زوّاره أنّه “على مدى 12 عاماً، وصولاً إلى اليوم، حاولت مجموعات لبنانيّة الضغط في الخارج لفرض عقوبات عليّ ولم ينجحوا. هذا الأمر، بعدما اتّسعت رقعته، لا بدّ أن تتمّ ملاحقة المتورّطين فيه قضائيّاً”، معتبراً أنّ “هذا الأمر من مسؤوليّات الحكومة من موقعها كسلطة تنفيذيّة”.