
“ولّى زمن الدويلات وجاهزون للتفاوض”… ترامب يدعو عون إلى البيت الابيض
حملت عشية الذكرى الـ 82 لاستقلال لبنان اليوم رسائل مهمة، تقدمها ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب ردًّا على سؤال لمراسل الـ mtv أنطوني مرشاق: “سأدعو الرئيس جوزاف عون لزيارة البيت الأبيض”. وفي حديث لـ “فوكس نيوز” أضاف ترامب: “لقد أزلنا غيمة سوداء كبيرة عن الشرق الأوسط بتقليص حجم إيران و”حزب الله” في لبنان ليس في وضع جيد”.
أما رئيس الجمهورية جوزاف عون، فاختار أن تكون إطلالته الأولى في عهده عشية ذكرى الاستقلال، من أرض الجنوب وتحديدًا من قيادة قطاع جنوب الليطاني في ثكنة بنوا بركات في صور، كي يوجه رسالة العيد. وقد واكبه من هناك قائد الجيش العماد رودولف هيكل.
فقد أطل الرئيس عون في رسالته على كل القضايا الراهنة التي يواجهها لبنان بقوله: “نقف هنا على أرض الجنوب، لنقول لمن يرفض الاعتراف بما حصل، بأن الزمن تغيّر، وأن الظروف تبدلت، وأن لبنان تعب من اللادولة، وأن اللبنانيين كفروا بمشاريع الدويلات، وأن العالم كاد يتعب منا، ولم نعد قادرين على الحياة في ظل انعدام الدولة”.
كما أطلّ الرئيس عون على قضية الأمن في الجنوب وتاليًا في كل لبنان بمبادرة من خمسة بنود هي:
“أولًا، تأكيد جهوزية الجيش اللبناني لتسلّم النقاط المحتلة على حدودنا الجنوبية، واستعداد الدولة اللبنانية لأن تتقدم من اللجنة الخماسية فورًا، بجدول زمني واضح محدد للتسلّم.
ثانيًا، استعداد القوى المسلحة اللبنانية لتسلّم النقاط فور وقف الخروقات والاعتداءات كافة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كل النقاط.
ثالثًا، تكليف اللجنة الخماسية بالتأكد في منطقة جنوب الليطاني من سيطرة القوى المسلحة اللبنانية وحدها وبسط سلطتها بقواها الذاتية.
رابعًا، إن الدولة اللبنانية جاهزة للتفاوض، برعاية أممية أو أميركية أو دولية مشتركة، على أي اتفاق يرسي صيغة لوقف نهائي للاعتداءات عبر الحدود.
خامسًا، وبالتزامن، تتولى الدول الشقيقة والصديقة للبنان، رعاية هذا المسار، عبر تحديد مواعيد واضحة ومؤكدة، لآلية دولية لدعم الجيش اللبناني، كما للمساعدة في إعادة إعمار ما هدمته الحرب”.
وفي سياق متصل، ووفق معلومات “نداء الوطن” من واشنطن وردت الانطباعات الآتية:
1- زيارة الرئيس عون برفقة قائد الجيش إلى الجنوب تنظر إليها واشنطن بإيجابية وبأنها رسالة من الرجلين على أن الدولة هي التي تحكم وتبسط سيطرتها على كافة الأراضي اللبنانية وخصوصًا في الجنوب.
2- هناك تحسن على خط أزمة هيكل – الإدارة الأميركية على خلفية إلغاء مواعيده لكن لم يتغير شيء حتى الساعة والاتصالات مستمرة لإيجاد حل وترطيب الأجواء خلال الساعات المقبلة.
3- هناك فريقان في الإدارة الأميركية في ما خص ما حصل مع “هيكل”:
– الفريق الأول متشدد ويتحدث عن ضرورة التشدد أكثر تجاه “هيكل” ومن خلفه عون، لأن عون هو المقصود من إلغاء مواعيد “هيكل”، وهو (أي عون) بنظر هذا الفريق لا يبادر ولا يزال يعمل ببطء شديد، وعلى رأس هذا الفريق عضو مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور ليندسي غراهام.
– الفريق الثاني لا يريد أن يضغط أكثر على الجيش ويرى أن الجيش يتعاون وعلى رأس هذا الفريق قائد القيادة الوسطى الأميركية أو الـ “Cenctom” الأدميرال براد كوبر الذي لا يحبذ الضغط أكثر على الجيش وتوصياته تؤكد ضرورة عدم كسر الجرة مع الجيش اللبناني.
4- إلا أن النقطة المشتركة بين الفريقين هي أن كليهما غير راضٍ عما وصفاه بـ “أدبيّات” كلام وخطابات وبيانات قائد الجيش الذي يستخدم مثلاً عبارة “العدو الإسرائيلي” وعبارات أخرى يتوجّس منها الفريقان.
علماً أن الملاحظ أن قائد الجيش في “أمر اليوم” أمس تحدث عن خطة الجيش والمضي بها، وفهم من كلامه أنه رسالة تطمينية إلى الإدارة الأميركية بأن الجيش ماضٍ بتنفيذ الخطة وسحب السلاح، وذلك بعدما ذكر بالأمس أن من شروط إعادة المياه إلى مجاريها مع “هيكل” ووضع جدول جديد للقاءات له في واشنطن هو تأكيده المضي بتنفيذ خطة الجيش وسحب سلاح “حزب الله” وهذا ما حاول “هيكل” قوله في “أمر اليوم” عشية عيد الاستقلال.
بدورها، ركزت أوساط سياسية بارزة عبر “نداء الوطن” على 3 نقاط:
الأولى، صحيح أن الدولة متراجعة في مسألة سلاح “حزب الله” وسط حالة تسليم بالأمر الواقع. في المقابل، تظهر الدولة إقدامًا في مكافحة المخدرات والممنوعات وما شابه. وبالتالي، فإن الانكفاء في السلاح يقابله الذهاب إلى ضرب شبكات المخدرات ومصانع الكبتاغون والتهريب وغيرها.
الثانية، وهو السؤال: لماذا لم يتم توقيف نوح زعيتر قبل سنة؟ ولماذا لم يطلق هانيبعل القذافي منذ عامين، والذي لم يكن موقوفًا بأحكام قضائية؟ ولماذا تم إقفال 30 مصنع كبتاغون خلال شهر؟ هناك شيء انهار وكله مرتبط بـ “حزب الله”. ما نجحت الدولة بالقيام به اليوم، هو نتيجة تفكيك وضعية “الحزب”.
الثالثة، فهم رئيسا الجمهورية والحكومة جيدًا رسالة واشنطن بإلغاء مواعيد قائد الجيش، وقرآ جيدًا أنه من الآن فصاعدًا لا تحتمل الأمور التباسًا. لذا رأينا مواقف الرئيسين الأخيرة زادت من وتيرتها حيال السلاح بعدما أدركا أن واشنطن ذهبت نحو الترجمة العملية للمواقف التحذيرية على الأرض.
جعجع: الأمور ذاهبة إلى تصعيد أكبر
من ناحيته، أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في مقابلة عبر قناة “القاهرة الإخبارية” أن “الأمور ذاهبة إلى تصعيد أكبر فأكبر. الموقف الأميركي، وهو موقف شئنا أم أبينا حاسم وحازم في هذه الأيام، كان واضحًا جدًا على لسان من تحدّث باسمهم مرارًا عديدة. خلاصة الموقف الأميركي هي: يا شباب، أنتم في لبنان، نحن معكم، وتعرفون كم نحبّ لبنان، ولكن يجب أن تصبح في لبنان دولة فعلية، وأن يُحصَر السلاح فيها، وأن يكون قرار السلم والحرب فيها. إذا لم تفعلوا ذلك، فستظلون أصدقاءنا، لكن “دبّروا حالكم أنتم”. ونحن نعرف ما معنى تعبير “دبّروا حالكم”، أي: دبّروا أمركم أنتم وإسرائيل”.
أما في طهران، فغرد وزير الخارجية عباس عراقجي قائلًا: “صديقي العزيز وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي دعاني في مقابلة مع قناة أم تي في إلى إجراء التفاوض. نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للبنان؛ لكننا نرحّب بأي حوار بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين إيران ولبنان، ولا حاجة لبلدٍ ثالث. أدعو زميلي يوسف لزيارة طهران، وأنا مستعدّ أيضًا لزيارة بيروت بكلّ سرور إذا تلقيت دعوة رسمية لذلك”.
ملاحقة رامي نعيم قضائيًا بضغط حزبي
على صعيد الحريات العامة، تفاعلت أمس قضية الملاحقات القضائية المدفوعة من جهات حزبية بحق نائب رئيس تحرير “نداء الوطن” الزميل رامي نعيم، في وقت يمتنع هذا القضاء عن إحالة الملف إلى محكمة المطبوعات المختصة، في مخالفة واضحة للأصول المرعية، يكشف ازدواجية واضحة في أداء القضاء والأجهزة الأمنية. كذلك إن الملاحقة الأخيرة ومكان الاستدعاء، كأنهما يستدرجان الزميل نعيم إلى كمين قد يدفع حياته ثمنًا لهذا الإجراء الجائر عبر مسرحية “العناصر غير المنضبطة”. وهذا النسق من الملاحقات يستدعي التحرك الواسع من الجسم الإعلامي وفي القريب العاجل.
