التفاوض الاقتصادي: ما الغاية التي في نفس إسرائيل؟

يستقصد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الثانية على التوالي الحديث عن المفاوضات للوصول إلى تفاهمات اقتصادية بين لبنان وإسرائيل. وتُصوّر تل أبيب المفاوضات على أنها شاملة ولا تنحصر بالشق العسكري فقط، بينما للبنان رأي آخر مختلف تمامًا.
اجتمعت “الميكانيزم” يوم الجمعة للمرّة الثانية بحضور مدنيين. حمل رئيس الوفد اللبناني السفير سيمون كرم الملفات وجلس مع ممثلي “الميكانيزم” والمندوب الإسرائيلي. وحسب الأجواء، يمكن القول إن المفاوضات الجديّة قد انطلقت سواء أرادت الدولة اللبنانية تصويرها بأنها مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة.
يملك لبنان وجهة نظر وإسرائيل وجهة نظر أخرى. ففي كلّ تصاريح وأدبيات المسؤولين اللبنانيين هناك تأكيد على شمول المفاوضات الشق العسكري والحدودي. ويشمل هذا الأمر انسحاب إسرائيل من النقاط المحتلة، تحرير الأسرى، وقف الهجمات الإسرائيلية، تأمين عودة آمنة لسكان الجنوب اللبناني، وحلّ المشاكل الحدوديّة العالقة بين لبنان وإسرائيل.
وإذا كانت الدولة اللبنانية تروّج لفكرة أن هذه المفاوضات تقف عند هذا الحدّ، إلّا أن للإسرائيلي رأيًا مغايرًا، فهو يريد نزع سلاح “حزب اللّه” والتأكيد على النقاط الاقتصادية المهمّة.
من الطبيعي مطالبة إسرائيل بنزع سلاح “الحزب”، لكن الشيء الجديد هو الحديث عن تعاون اقتصادي. وفي هذا السياق، يشدّد المطلعون على هذا الملف أن لبنان لن يذهب بعيدًا في التفاوض مع إسرائيل حاليًا. وكلمة حاليًا تعني إمكانية تطوير التفاوض في وقت لاحق.
ويأتي إصرار إسرائيل على نقطة الاقتصاد ليطرح جملة أسئلة، فحسب المطلعين، المشروع الذي يُحضر للجنوب ليس مشروعًا يخصّ لبنان وإسرائيل وحدهما، بل تدخل الولايات المتحدة الأميركية في صلبه، وتمّ الحديث في وقت سابق عن إقامة منطقة عازلة على الشريط الحدودي وقد أطلق عليها البعض اسم منطقة ترامب الاقتصادية، وبالتالي، تبدي واشنطن اهتمامًا بالملف اللبناني من هذه الزاوية.
وإذا كان هذا المشروع يُدرس في الأروقة الأميركية، إلّا أن الهدف الأساسي منه ليس اقتصاديًا فقط بل أمنيًا أيضًا. فإذا نشأت منطقة اقتصادية، فهذا الأمر يعني إنشاء منطقة عازلة، ما يسبّب صعوبة لـ “حزب اللّه” أو غيره في تهديد أمن إسرائيل.
ومن جهة ثانية، هناك ملف استخراج الغاز والنفط من المياه الإقليمية، فلا يمكن للشركات العملاقة البدء بالتنقيب واستخراجه من دون فرض الأمن وإنهاء المظاهر الميليشياوية المسلّحة، فالشركات تريد العمل بظروف أمنية مؤاتية.
ويعتبر الأمن والاستقرار من العوامل الأساسية لأيّ استثمار اقتصادي، وأي معاهدة سلام بين لبنان وإسرائيل، تجعل المنطقة الحدودية مزدهرة، وتنهي كلّ أشكال الصراع والحروب المتنقلة. ويبرز في هذا السياق إصرار كلّ من تل أبيب وواشنطن على نزع سلاح “حزب اللّه”، إذ لا يمكن صرف مليارات الدولارات على الاستثمار في وقت هناك احتمال نشوء حرب في كلّ لحظة.
وتأتي كلّ هذه العوامل لتؤكّد استحالة بقاء الوضع اللبناني على ما هو عليه، فمهما لعب “حزب اللّه” ومعه الدولة اللبنانية على عامل الوقت، فالفرصة المتاحة للدولة ليست بلا تاريخ، وعندما تنتهي هذه المهلة ولا تقدم الدولة على نزع السلاح سيكون هناك تحرّك إسرائيلي سريع وخاطف.
ولا يمكن للبنان التحدّث وكأنه يستطيع فرض شروطه، فالعوامل السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية أكبر منه، وأي مماطلة أو محاولة التفاف على الواقع ستؤدّي في نهاية المطاف إلى نشوء حرب جديدة سيدفع “حزب اللّه” ومعه الدولة اللبنانية الثمن الأكبر.
تستكمل حلقات التفاوض مطلع العام المقبل، وإذا كان هناك من داعٍ فقد يتطلّب الأمر تسريعًا في المفاوضات وربّما تعقد لجنة “الميكانيزم” اجتماعاتها بشكل مكثف، لكن رغبة لبنان في حصر التفاوض بالمسائل الأمنية والعسكرية والحدودية لن تصمد طويلًا، وسط الإصرار الإسرائيلي على طرح الملفات الاقتصادية والغوص بها أكثر.
التفاوض الاقتصادي: ما الغاية التي في نفس إسرائيل؟

يستقصد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الثانية على التوالي الحديث عن المفاوضات للوصول إلى تفاهمات اقتصادية بين لبنان وإسرائيل. وتُصوّر تل أبيب المفاوضات على أنها شاملة ولا تنحصر بالشق العسكري فقط، بينما للبنان رأي آخر مختلف تمامًا.
اجتمعت “الميكانيزم” يوم الجمعة للمرّة الثانية بحضور مدنيين. حمل رئيس الوفد اللبناني السفير سيمون كرم الملفات وجلس مع ممثلي “الميكانيزم” والمندوب الإسرائيلي. وحسب الأجواء، يمكن القول إن المفاوضات الجديّة قد انطلقت سواء أرادت الدولة اللبنانية تصويرها بأنها مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة.
يملك لبنان وجهة نظر وإسرائيل وجهة نظر أخرى. ففي كلّ تصاريح وأدبيات المسؤولين اللبنانيين هناك تأكيد على شمول المفاوضات الشق العسكري والحدودي. ويشمل هذا الأمر انسحاب إسرائيل من النقاط المحتلة، تحرير الأسرى، وقف الهجمات الإسرائيلية، تأمين عودة آمنة لسكان الجنوب اللبناني، وحلّ المشاكل الحدوديّة العالقة بين لبنان وإسرائيل.
وإذا كانت الدولة اللبنانية تروّج لفكرة أن هذه المفاوضات تقف عند هذا الحدّ، إلّا أن للإسرائيلي رأيًا مغايرًا، فهو يريد نزع سلاح “حزب اللّه” والتأكيد على النقاط الاقتصادية المهمّة.
من الطبيعي مطالبة إسرائيل بنزع سلاح “الحزب”، لكن الشيء الجديد هو الحديث عن تعاون اقتصادي. وفي هذا السياق، يشدّد المطلعون على هذا الملف أن لبنان لن يذهب بعيدًا في التفاوض مع إسرائيل حاليًا. وكلمة حاليًا تعني إمكانية تطوير التفاوض في وقت لاحق.
ويأتي إصرار إسرائيل على نقطة الاقتصاد ليطرح جملة أسئلة، فحسب المطلعين، المشروع الذي يُحضر للجنوب ليس مشروعًا يخصّ لبنان وإسرائيل وحدهما، بل تدخل الولايات المتحدة الأميركية في صلبه، وتمّ الحديث في وقت سابق عن إقامة منطقة عازلة على الشريط الحدودي وقد أطلق عليها البعض اسم منطقة ترامب الاقتصادية، وبالتالي، تبدي واشنطن اهتمامًا بالملف اللبناني من هذه الزاوية.
وإذا كان هذا المشروع يُدرس في الأروقة الأميركية، إلّا أن الهدف الأساسي منه ليس اقتصاديًا فقط بل أمنيًا أيضًا. فإذا نشأت منطقة اقتصادية، فهذا الأمر يعني إنشاء منطقة عازلة، ما يسبّب صعوبة لـ “حزب اللّه” أو غيره في تهديد أمن إسرائيل.
ومن جهة ثانية، هناك ملف استخراج الغاز والنفط من المياه الإقليمية، فلا يمكن للشركات العملاقة البدء بالتنقيب واستخراجه من دون فرض الأمن وإنهاء المظاهر الميليشياوية المسلّحة، فالشركات تريد العمل بظروف أمنية مؤاتية.
ويعتبر الأمن والاستقرار من العوامل الأساسية لأيّ استثمار اقتصادي، وأي معاهدة سلام بين لبنان وإسرائيل، تجعل المنطقة الحدودية مزدهرة، وتنهي كلّ أشكال الصراع والحروب المتنقلة. ويبرز في هذا السياق إصرار كلّ من تل أبيب وواشنطن على نزع سلاح “حزب اللّه”، إذ لا يمكن صرف مليارات الدولارات على الاستثمار في وقت هناك احتمال نشوء حرب في كلّ لحظة.
وتأتي كلّ هذه العوامل لتؤكّد استحالة بقاء الوضع اللبناني على ما هو عليه، فمهما لعب “حزب اللّه” ومعه الدولة اللبنانية على عامل الوقت، فالفرصة المتاحة للدولة ليست بلا تاريخ، وعندما تنتهي هذه المهلة ولا تقدم الدولة على نزع السلاح سيكون هناك تحرّك إسرائيلي سريع وخاطف.
ولا يمكن للبنان التحدّث وكأنه يستطيع فرض شروطه، فالعوامل السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية أكبر منه، وأي مماطلة أو محاولة التفاف على الواقع ستؤدّي في نهاية المطاف إلى نشوء حرب جديدة سيدفع “حزب اللّه” ومعه الدولة اللبنانية الثمن الأكبر.
تستكمل حلقات التفاوض مطلع العام المقبل، وإذا كان هناك من داعٍ فقد يتطلّب الأمر تسريعًا في المفاوضات وربّما تعقد لجنة “الميكانيزم” اجتماعاتها بشكل مكثف، لكن رغبة لبنان في حصر التفاوض بالمسائل الأمنية والعسكرية والحدودية لن تصمد طويلًا، وسط الإصرار الإسرائيلي على طرح الملفات الاقتصادية والغوص بها أكثر.












