تقرير إسرائيليّ: ماذا بين “الحزب” و”قسد” الكرديّة؟

تحت عنوان “عدوّ عدوّي صديقي”، رجّح تقرير صادر عن مركز “ألما” الإسرائيليّ للبحوث والتعليم إمكان أن يؤدّي العداء المشترك للنظام السوريّ الجديد، بقيادة أحمد الشرع، إلى نشوء تقارب مؤقّت في المصالح بين القوّات الكرديّة في شرق سوريا و”الحزب” في لبنان.
يُفسّر التقرير، الذي أعدّه الباحث تال بئيري، هذا الاحتمال بالإشارة إلى أنّ التغييرات السياسيّة المتسارعة التي تشهدها سوريا أفضت إلى ظهور قنوات تواصل جديدة وغير متوقّعة بين جهات فاعلة كانت تقليديّاً تقف على طرفَي نقيض في الخريطة الإقليميّة.
بعد قيام النظام السوري الجديد، وجدت قوّات سوريا الديمقراطيّة (قسد)، التي تهيمن عليها القوى الكرديّة وتسيطر على مساحات واسعة من شرق سوريا، نفسها في مواجهات شبه يوميّة مع قوّات النظام، وهو ما فاقم مخاوف الأكراد المرتبطة بالسيطرة على الأراضي ومستقبل الاستقلاليّة السياسيّة وضمان الأمن على المدى البعيد.
في المقابل،
ينظر “الحزب” إلى التطوّرات في الساحة السوريّة من زاوية استراتيجيّة أوسع، ولا سيما في ما يتعلّق بالنفوذ الإقليميّ، أمن الحدود وتوازن القوى في المنطقة. على الرغم من غياب أيّ تقارب أيديولوجيّ أو سياسيّ تاريخيّ بين الأكراد و”الحزب”، فتح بروز خصم مشترك يتمثّل في النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع الباب أمام تواصل حذِر ومحدود بين الطرفين.
بحسب التقرير، سعى ممثّلو قوّات سوريا الديمقراطيّة أخيراً إلى تعزيز علاقاتهم مع “الحزب”، الأمر الذي أفضى إلى عقد اجتماع سرّيّ في بيروت، ضمّ مسؤولين أكراداً رفيعي المستوى وممثّلين عن “الحزب”، برئاسة رئيس دائرة العلاقات الدوليّة في المجلس السياسيّ لـ”الحزب” عمّار الموسوي.
تركّزت النقاشات خلال هذا الاجتماع على مجموعة من الملفّات، أبرزها:
– تطوّرات الوضع الميدانيّ والسياسيّ في سوريا.
– التحدّيات الأمنيّة المشتركة التي يواجهها الطرفان.
– مجالات ومناطق النفوذ المحتملة مستقبلاً داخل الأراضي السوريّة.
– إمكان إنشاء قنوات تواصل جديدة أو توسيع القنوات القائمة.
حوار تكتيكيّ لا تحالف استراتيجيّ
وفقاً للتقرير، اتّسمت هذه المحادثات بطابع استكشافيّ ولم تكن رسميّة، وهدفت أساساً إلى فهم مواقف كلّ طرف وتقدير خياراته، لا إلى بناء تحالف دائم أو استراتيجيّ. إلّا أنّ التقرير لا يستبعد أن تكون هذه اللقاءات قد تناولت أيضاً إمكان التواصل غير المباشر أو المستقبليّ مع النظام السوريّ الجديد، من خلال وساطة محتملة لتركيا، نظراً لِما تملكه من نفوذ على الحركات الكرديّة، علاوة على علاقاتها الإقليميّة المتشابكة.

يخلص التقرير إلى أنّ الاتّصالات الجارية بين الأكراد و”الحزب” لا ترقى إلى مستوى التحالف الاستراتيجيّ، بل تُصنّف على الأرجح ضمن إطار حوار تكتيكيّ مؤقّت تحرِّكه اعتبارات قصيرة المدى أكثر ممّا تحكمه رؤية توافقيّة طويلة الأمد.
اعتبارات تحول دون التّحالف
يورد التقرير عدداً من العوامل التي تحدّ من إمكان تطوّر هذا التواصل إلى تعاون مستدام، من بينها:
– الفوارق الأيديولوجيّة العميقة بين توجّهات “الحزب” المرتبطة بإيران والنظام السوريّ، وبين توجّهات قوّات سوريا الديمقراطيّة التي تركّز على الحكم الذاتيّ والطابع العلمانيّ.
– تضارب الأولويّات الإقليميّة، إذ يركّز “الحزب” على تعزيز نفوذه الإقليميّ والحفاظ على ممرّاته الاستراتيجيّة المؤدّية إلى لبنان، في حين تركّز قوّات سوريا الديمقراطيّة على ترسيخ الحكم المحلّي في شرق سوريا.
– استمرار حالة عدم الثقة المتبادلة، التي تبقى قائمة على الرغم من المعارضة المشتركة للنظام السوريّ الجديد.
بناءً عليه، يرى التقرير أنّ التفاعل الحاليّ يندرج في إطار الاستطلاع التكتيكيّ لا التحالف الدائم، وأنّ أيّ تعاون محتمل في المستقبل سيبقى مرهوناً بتطوّرات عسكريّة وسياسيّة لاحقة. يربط التقرير هذه الديناميّة بنمط أوسع في السياسة الإقليميّة، مفاده أنّ التهديدات المشترَكة قادرة على خلق فرص للحوار بين أطراف غير متوقّعة، حتّى في غياب أيّ تقارب تاريخيّ أو أيديولوجيّ.
يشير التقرير إلى أنّ التقارب المؤقّت قد يفضي إلى تحقيق مكاسب قصيرة المدى، مثل السيطرة على مناطق معيّنة أو تخفيف حدّة التهديدات أو توجيه رسائل قوّة إلى أطراف أخرى. في الشرق الأوسط، ووفقاً لِما خلص إليه التقرير، حتّى العلاقات التي تبدو مستحيلة قد تصبح ممكنة في ظلّ الضغوط، وقد تطغى المصالح المشتركة، مؤقّتاً أو حتّى دائماً، على الاعتبارات الأيديولوجيّة.
في هذا السياق، قد ينشأ الحوار تحت وطأة الضرورة، متماهياً مع المثل الشائع “عدوّ عدوّي صديقي”، غير أنّ التقرير يؤكّد في المقابل أنّ فرص التعاون الطويل الأمد تبقى غير مؤكّدة، وتعتمد إلى حدّ كبير على مسار التطوّرات العسكريّة والسياسيّة في المرحلة المقبلة.
تقرير إسرائيليّ: ماذا بين “الحزب” و”قسد” الكرديّة؟

تحت عنوان “عدوّ عدوّي صديقي”، رجّح تقرير صادر عن مركز “ألما” الإسرائيليّ للبحوث والتعليم إمكان أن يؤدّي العداء المشترك للنظام السوريّ الجديد، بقيادة أحمد الشرع، إلى نشوء تقارب مؤقّت في المصالح بين القوّات الكرديّة في شرق سوريا و”الحزب” في لبنان.
يُفسّر التقرير، الذي أعدّه الباحث تال بئيري، هذا الاحتمال بالإشارة إلى أنّ التغييرات السياسيّة المتسارعة التي تشهدها سوريا أفضت إلى ظهور قنوات تواصل جديدة وغير متوقّعة بين جهات فاعلة كانت تقليديّاً تقف على طرفَي نقيض في الخريطة الإقليميّة.
بعد قيام النظام السوري الجديد، وجدت قوّات سوريا الديمقراطيّة (قسد)، التي تهيمن عليها القوى الكرديّة وتسيطر على مساحات واسعة من شرق سوريا، نفسها في مواجهات شبه يوميّة مع قوّات النظام، وهو ما فاقم مخاوف الأكراد المرتبطة بالسيطرة على الأراضي ومستقبل الاستقلاليّة السياسيّة وضمان الأمن على المدى البعيد.
في المقابل،
ينظر “الحزب” إلى التطوّرات في الساحة السوريّة من زاوية استراتيجيّة أوسع، ولا سيما في ما يتعلّق بالنفوذ الإقليميّ، أمن الحدود وتوازن القوى في المنطقة. على الرغم من غياب أيّ تقارب أيديولوجيّ أو سياسيّ تاريخيّ بين الأكراد و”الحزب”، فتح بروز خصم مشترك يتمثّل في النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع الباب أمام تواصل حذِر ومحدود بين الطرفين.
بحسب التقرير، سعى ممثّلو قوّات سوريا الديمقراطيّة أخيراً إلى تعزيز علاقاتهم مع “الحزب”، الأمر الذي أفضى إلى عقد اجتماع سرّيّ في بيروت، ضمّ مسؤولين أكراداً رفيعي المستوى وممثّلين عن “الحزب”، برئاسة رئيس دائرة العلاقات الدوليّة في المجلس السياسيّ لـ”الحزب” عمّار الموسوي.
تركّزت النقاشات خلال هذا الاجتماع على مجموعة من الملفّات، أبرزها:
– تطوّرات الوضع الميدانيّ والسياسيّ في سوريا.
– التحدّيات الأمنيّة المشتركة التي يواجهها الطرفان.
– مجالات ومناطق النفوذ المحتملة مستقبلاً داخل الأراضي السوريّة.
– إمكان إنشاء قنوات تواصل جديدة أو توسيع القنوات القائمة.
حوار تكتيكيّ لا تحالف استراتيجيّ
وفقاً للتقرير، اتّسمت هذه المحادثات بطابع استكشافيّ ولم تكن رسميّة، وهدفت أساساً إلى فهم مواقف كلّ طرف وتقدير خياراته، لا إلى بناء تحالف دائم أو استراتيجيّ. إلّا أنّ التقرير لا يستبعد أن تكون هذه اللقاءات قد تناولت أيضاً إمكان التواصل غير المباشر أو المستقبليّ مع النظام السوريّ الجديد، من خلال وساطة محتملة لتركيا، نظراً لِما تملكه من نفوذ على الحركات الكرديّة، علاوة على علاقاتها الإقليميّة المتشابكة.

يخلص التقرير إلى أنّ الاتّصالات الجارية بين الأكراد و”الحزب” لا ترقى إلى مستوى التحالف الاستراتيجيّ، بل تُصنّف على الأرجح ضمن إطار حوار تكتيكيّ مؤقّت تحرِّكه اعتبارات قصيرة المدى أكثر ممّا تحكمه رؤية توافقيّة طويلة الأمد.
اعتبارات تحول دون التّحالف
يورد التقرير عدداً من العوامل التي تحدّ من إمكان تطوّر هذا التواصل إلى تعاون مستدام، من بينها:
– الفوارق الأيديولوجيّة العميقة بين توجّهات “الحزب” المرتبطة بإيران والنظام السوريّ، وبين توجّهات قوّات سوريا الديمقراطيّة التي تركّز على الحكم الذاتيّ والطابع العلمانيّ.
– تضارب الأولويّات الإقليميّة، إذ يركّز “الحزب” على تعزيز نفوذه الإقليميّ والحفاظ على ممرّاته الاستراتيجيّة المؤدّية إلى لبنان، في حين تركّز قوّات سوريا الديمقراطيّة على ترسيخ الحكم المحلّي في شرق سوريا.
– استمرار حالة عدم الثقة المتبادلة، التي تبقى قائمة على الرغم من المعارضة المشتركة للنظام السوريّ الجديد.
بناءً عليه، يرى التقرير أنّ التفاعل الحاليّ يندرج في إطار الاستطلاع التكتيكيّ لا التحالف الدائم، وأنّ أيّ تعاون محتمل في المستقبل سيبقى مرهوناً بتطوّرات عسكريّة وسياسيّة لاحقة. يربط التقرير هذه الديناميّة بنمط أوسع في السياسة الإقليميّة، مفاده أنّ التهديدات المشترَكة قادرة على خلق فرص للحوار بين أطراف غير متوقّعة، حتّى في غياب أيّ تقارب تاريخيّ أو أيديولوجيّ.
يشير التقرير إلى أنّ التقارب المؤقّت قد يفضي إلى تحقيق مكاسب قصيرة المدى، مثل السيطرة على مناطق معيّنة أو تخفيف حدّة التهديدات أو توجيه رسائل قوّة إلى أطراف أخرى. في الشرق الأوسط، ووفقاً لِما خلص إليه التقرير، حتّى العلاقات التي تبدو مستحيلة قد تصبح ممكنة في ظلّ الضغوط، وقد تطغى المصالح المشتركة، مؤقّتاً أو حتّى دائماً، على الاعتبارات الأيديولوجيّة.
في هذا السياق، قد ينشأ الحوار تحت وطأة الضرورة، متماهياً مع المثل الشائع “عدوّ عدوّي صديقي”، غير أنّ التقرير يؤكّد في المقابل أنّ فرص التعاون الطويل الأمد تبقى غير مؤكّدة، وتعتمد إلى حدّ كبير على مسار التطوّرات العسكريّة والسياسيّة في المرحلة المقبلة.













