1.2 مليار دولار.. ثمن الغرق في مياه الصرف الصحي

بينما تتدفق آلاف الأمتار المكعبة من الملوثات لتخنق أنهار لبنان وشواطئه، يبرز سؤال المليار دولار: أين ذهبت أموال اللبنانيين؟ لم يكن انهيار قطاع الصرف الصحي مجرد صدفة، بل هو فصل من فصول الفشل الممنهج وسوء الإدارة الذي حوّل أحلام التنمية إلى كوابيس بيئية. ففي دراسة صادمة لـ ‘المفكرة القانونية’، تكشّفت أرقام مرعبة؛ 1.185 مليار دولار صُرفت عبر “مجلس الإنماء والإعمار” وحده بين عامي 1992 و2020، والنتيجة؟ تلوث بلا حساب. لكن الصدمة الحقيقية تكمن في أن هذا الرقم الملياري ليس سوى القشور، فهو لا يشمل ما أنفقته وزارة الطاقة والبلديات في هذا ‘الثقب الأسود’ الذي ابتلع المال العام ولم يترك لنا سوى رائحة الصفقات الملوثة.
75% من المياه المبتذلة لا تُكرر
“تكلفة قطاع الصرف الصحي في لبنان بلغت ملياراً ومائتي مليون دولار، وبالرغم من ذلك، نملك شبكات ومحطات متوقفة عن العمل”، تقول النائبة حليمة قعقور في حديث إلى “المدن”، مضيفة أن “هذه المحطات تقتصر على المعالجة الأولية، بينما يُفترض أن تعتمد المعالجة الثلاثية. والهدف من المعالجة الثلاثية هو التمكن من استخدام هذه المياه في التنمية والري والاستخدام المنزلي وحتى الشرب، لكننا، للأسف، لم نصل حتى إلى مستوى المعالجة الأولية في أغلب المحطات”.
بحسب قعقور، فإن “ما يزيد عن 75% من المياه تُصرف حالياً كمياه مبتذلة بدون أي تكرير، مما يضعنا أمام واقع يتسم بهدر المال العام، ناهيك عن الكلفة الصحية والتنموية والبيئية الباهظة”. تستغرب النائبة قعقور عدم قيام أي جهة رسمية “بدراسة الكلفة الصحية والبيئية الناتجة عن عدم تشغيل هذه المحطات؛ ولهذا السبب، وجهتُ سؤالاً إلى وزيرة البيئة والحكومة مجتمعة لتحديد هذه الكلفة، ولتوضيح أسباب توقف هذه المحطات وتحديد المسؤول عن هذا الملف”.
لماذا الحديث الآن عن ملف الصرف الصحي؟
لقد أعد ديوان المحاسبة تقريراً في 27 شباط 2025 حول إدارة منظومة الصرف الصحّي في لبنان، وصدر عن الغرفة الخاصة المُنشأة داخل الديوان والتي يترأّسها رئيس الديوان القاضي محمد بدران، وفيه إضاءاتٍ هامّة على الخلل الحاصل في أعمال المُراقبة والمُحاسبة وبخاصّة في أعمال ديوان المحاسبة، وهو خلل ما كان للفشل الذريع في قطاع محطّات معالجة الصرف الصحي أن يصل إلى ما وصل إليه وأن يتمادى لولاه. فقامت “المفكرة القانونية” بالتعاون مع “مبادرة سياسات الغد”، في إطار المشروع المشترك بينهما “المناخ والأرض والحق” بالتعليق عليه، لتبيان الخلل الحاصل في إدارة هذا الملف.
“لقد قرأتُ تقرير ديوان المحاسبة كاملاً طوال ليلة كاملة لم أذق فيها طعم النوم، لأنني كنتُ بانتظاره منذ أمد بعيد”، تقول النائبة حليمة قعقور. وتضيف “كنتُ قد أرسلتُ في العام 2022 كتاباً موقعاً من 25 نائباً، يطالب رئيس مجلس النواب نبيه بري بفتح تحقيق وإنشاء لجنة برلمانية للتحقيق في مصير المليار ومائتي مليون دولار المخصصة لمحطات التكرير، إلا أن ذلك لم يتحقق”.
وفقاً للنائبة قعقور، فإن “ما يجري خطيرٌ للغاية؛ فوفقاً لما ورد في تقرير ديوان المحاسبة المستند إلى شركة تُدعى (APAF)، يُزعم أن:
أولاً – الكلفة أقل بنسبة 10% من تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وهذا كلام غير دقيق؛ فنحن لا نعتمد المعالجة الثلاثية ولا نصل حتى إلى المعالجة الأولية، في حين أن الدول الأوروبية تعتمد معالجة الصرف الصحي على ثلاث مراحل”.
ثانياً – “من هي شركة (APAF) التي كُلفت بمهمة التدقيق؟ ولماذا اعتمد ديوان المحاسبة على المعطيات التي قدمتها؟ وكيف يمكن لشركة أن تدقق في أعمال مجلس الإنماء والإعمار وهي ترتبط معه بعقود في الوقت ذاته؟ فمن غير المنطقي أن أتقاضى أموالاً من المجلس وأقوم بالتدقيق في أعماله في آن واحد”.
من هي APAF ؟
بحسب التقرير، وتعليقاً على كلام قعقور، فإن “شركة APAF اعتبرت أنّ “الكلفة للشخص الواحد للتكرير في المشاريع المنفذة من مجلس الإنماء والإعمار (وهي 86.71 د.أ) أقل بنسبة 10% من الكلفة للشخص الواحد المعتمدة في “منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والاتحاد الأوروبي” (OECD) (وهي 98.16 د.أ)، وهو ما تبنّاه تقرير الديوان بالكامل من دون أن يتخذ منه أي مسافة نقدية أو يُخضعه لأي رقابة”.
شركة APAF هي الفرع اللبناني لمجموعة Apaveالفرنسية، وهي شركة عالمية متخصصة في التدقيق الفني، الرقابة على الجودة، والاستشارات الهندسية. تعمل في لبنان منذ عقود وتُعتبر من المراجع الأساسية التي تعتمد عليها الدولة في تقييم المنشآت الصناعية والهندسية. ولم يكتفِ ديوان المحاسبة بتبني أرقام شركة APAF، بل غضّ الطرف عن كونها حكماً وخصماً في آن؛ فهي المدقق الفني الذي عينه القضاء، وهي نفسها المتعهد الذي نال 44 عقداً من مجلس الإنماء والإعمار بقيمة 3.1 مليون دولار. هذا التزاوج بين الرقابة والتنفيذ يفسر لماذا جاءت تقاريرها تجميلية للواقع.”
بالإضافة إلى ملف الصرف الصحي، فإن شركة Apave متغلغلة في مفاصل الدولة اللبنانية، وتحديداً في وزارة الطاقة والمياه، وهي واحدة من الشركات المعتمدة رسمياً للمراقبة والتدقيق الفني. وفي المصانع والمنشآت بحيث تكاد تكون الجهة الوحيدة التي تمنح شهادات المطابقة الفنية للمصاعد، الغلايات (Boilers)وخزانات الغاز في لبنان. وبالطبع في مجلس الإنماء والإعمار، حيث تعمل كـ “استشاري مشرف” على تنفيذ العديد من الطرق والجسور والبنى التحتية.
أما واقعاً وبحسب التقرير، فإنه “لا يجوز مقارنة أمور متباينة بصورة جذرية، إذ أن الكلفة كما هي محتسبة في الاتحاد الأوروبي هي كلفة لتأمين نظام لمعالجة متكاملة وشاملة للمياه، فيما الكلفة في لبنان هي كلفة إنشاء قطاع بالكاد يعمل وفق ما بات ثابتاً بالحد الأدنى”. مضيفاً أنه “في حال تسنى لمجلس الإنماء والإعمار تمويل المشاريع الإضافيّة التي أعلن عنها، يحتمل أن تصل الكلفة إلى ما لا يقلّ عن 3 مليارات د.أ. وفي هذه الحالة، تصل “الكلفة للشخص الواحد للمشاريع المنفذة من مجلس الإنماء والإعمار إلى ما لا يقل عن 700 د.أ أي ما يشكل أكثر من 7 أضعاف الكلفة التقديرية المعتمدة في الاتحاد الأوروبي“.
الفساد وتلوث المياه
وتشدد قعقور على أن هناك “محاولات لتمييع مسؤولية “مجلس الإنماء والإعمار”، وعدم الرغبة في تحميله التبعات”، مشيرة إلى أن “هناك دراسة أعدتها مبادرة سياسات الغد (TPI) بالتعاون مع الأستاذ سامي عطالله، كنتُ قد استشهدتُ بها قبل عامين في خطاب الموازنة لوجود علامات استفهام حول العقود المبرمة مع مجلس الإنماء والإعمار؛ إذ تشير الدراسة إلى أنه من بين 135 متعهداً، فإن 38% ممن حصلوا على هذه المشاريع لديهم صلة مباشرة بالطبقة السياسية، واستحوذوا على أكثر من 80% من الصفقات والعقود”.
يظهر هنا أن مجلس الإنماء والإعمار والعقود التي نفذها “تفتقر للشفافية وللتدقيق اللازم. كما تُطرح تساؤلات كبرى حول الجهة التي تدقق في أعمال المجلس، وحول استقلالية الشركة المدققة، مما يؤكد وجود تضارب واضح في المصالح”، وفق قعقور.
تستطرد قعقور بالقول إنه “لا يمكن الاستمرار بدون مساءلة أو شفافية أمام الشعب؛ فمن حقنا معرفة أوجه صرف هذه الأموال، وموعد تشغيل هذه المحطات والكلفة المترتبة على ذلك. كما أن من حقنا استخلاص الدروس وتقييم هدر المال العام، والاطلاع على تقييم البنك الدولي لمصير أموال المشاريع، فنحن جميعاً شركاء في هذه المسؤولية”، مضيفة أن “مسؤوليتنا في المجلس النيابي تحتم علينا تعديل هذا القانون، ولكن هناك مسؤوليات كبرى تستوجب محاسبة الفاسدين وتحديد الأدوار بوضوح”.
الفساد الذي تتحدث عنه النائبة قعقور، أودى إلى تلوث المياه السطحية وتلوث النهر الأطول في لبنان، الليطاني، وقد سبق لـ “المدن” أن تناولت في تحقيقٍ صحفي (راجع المدن) ملف تلوث 4000 هكتار من المزروعات والخضار في البقاع بمياه الصرف الصحي، وهو بحسب قعقور “نتيجة مباشرة للإهمال في هذا القطاع. فلو نُفذت المشاريع والعقود بشكل صحيح، لما اضطررنا لتناول خضروات سامة. لقد رأينا كيف أثرت تداعيات الفشل وغياب المحاسبة في محطات التكرير سلباً على الزراعة والتنمية وكافة أهداف التنمية المستدامة”.
1.2 مليار دولار.. ثمن الغرق في مياه الصرف الصحي

بينما تتدفق آلاف الأمتار المكعبة من الملوثات لتخنق أنهار لبنان وشواطئه، يبرز سؤال المليار دولار: أين ذهبت أموال اللبنانيين؟ لم يكن انهيار قطاع الصرف الصحي مجرد صدفة، بل هو فصل من فصول الفشل الممنهج وسوء الإدارة الذي حوّل أحلام التنمية إلى كوابيس بيئية. ففي دراسة صادمة لـ ‘المفكرة القانونية’، تكشّفت أرقام مرعبة؛ 1.185 مليار دولار صُرفت عبر “مجلس الإنماء والإعمار” وحده بين عامي 1992 و2020، والنتيجة؟ تلوث بلا حساب. لكن الصدمة الحقيقية تكمن في أن هذا الرقم الملياري ليس سوى القشور، فهو لا يشمل ما أنفقته وزارة الطاقة والبلديات في هذا ‘الثقب الأسود’ الذي ابتلع المال العام ولم يترك لنا سوى رائحة الصفقات الملوثة.
75% من المياه المبتذلة لا تُكرر
“تكلفة قطاع الصرف الصحي في لبنان بلغت ملياراً ومائتي مليون دولار، وبالرغم من ذلك، نملك شبكات ومحطات متوقفة عن العمل”، تقول النائبة حليمة قعقور في حديث إلى “المدن”، مضيفة أن “هذه المحطات تقتصر على المعالجة الأولية، بينما يُفترض أن تعتمد المعالجة الثلاثية. والهدف من المعالجة الثلاثية هو التمكن من استخدام هذه المياه في التنمية والري والاستخدام المنزلي وحتى الشرب، لكننا، للأسف، لم نصل حتى إلى مستوى المعالجة الأولية في أغلب المحطات”.
بحسب قعقور، فإن “ما يزيد عن 75% من المياه تُصرف حالياً كمياه مبتذلة بدون أي تكرير، مما يضعنا أمام واقع يتسم بهدر المال العام، ناهيك عن الكلفة الصحية والتنموية والبيئية الباهظة”. تستغرب النائبة قعقور عدم قيام أي جهة رسمية “بدراسة الكلفة الصحية والبيئية الناتجة عن عدم تشغيل هذه المحطات؛ ولهذا السبب، وجهتُ سؤالاً إلى وزيرة البيئة والحكومة مجتمعة لتحديد هذه الكلفة، ولتوضيح أسباب توقف هذه المحطات وتحديد المسؤول عن هذا الملف”.
لماذا الحديث الآن عن ملف الصرف الصحي؟
لقد أعد ديوان المحاسبة تقريراً في 27 شباط 2025 حول إدارة منظومة الصرف الصحّي في لبنان، وصدر عن الغرفة الخاصة المُنشأة داخل الديوان والتي يترأّسها رئيس الديوان القاضي محمد بدران، وفيه إضاءاتٍ هامّة على الخلل الحاصل في أعمال المُراقبة والمُحاسبة وبخاصّة في أعمال ديوان المحاسبة، وهو خلل ما كان للفشل الذريع في قطاع محطّات معالجة الصرف الصحي أن يصل إلى ما وصل إليه وأن يتمادى لولاه. فقامت “المفكرة القانونية” بالتعاون مع “مبادرة سياسات الغد”، في إطار المشروع المشترك بينهما “المناخ والأرض والحق” بالتعليق عليه، لتبيان الخلل الحاصل في إدارة هذا الملف.
“لقد قرأتُ تقرير ديوان المحاسبة كاملاً طوال ليلة كاملة لم أذق فيها طعم النوم، لأنني كنتُ بانتظاره منذ أمد بعيد”، تقول النائبة حليمة قعقور. وتضيف “كنتُ قد أرسلتُ في العام 2022 كتاباً موقعاً من 25 نائباً، يطالب رئيس مجلس النواب نبيه بري بفتح تحقيق وإنشاء لجنة برلمانية للتحقيق في مصير المليار ومائتي مليون دولار المخصصة لمحطات التكرير، إلا أن ذلك لم يتحقق”.
وفقاً للنائبة قعقور، فإن “ما يجري خطيرٌ للغاية؛ فوفقاً لما ورد في تقرير ديوان المحاسبة المستند إلى شركة تُدعى (APAF)، يُزعم أن:
أولاً – الكلفة أقل بنسبة 10% من تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وهذا كلام غير دقيق؛ فنحن لا نعتمد المعالجة الثلاثية ولا نصل حتى إلى المعالجة الأولية، في حين أن الدول الأوروبية تعتمد معالجة الصرف الصحي على ثلاث مراحل”.
ثانياً – “من هي شركة (APAF) التي كُلفت بمهمة التدقيق؟ ولماذا اعتمد ديوان المحاسبة على المعطيات التي قدمتها؟ وكيف يمكن لشركة أن تدقق في أعمال مجلس الإنماء والإعمار وهي ترتبط معه بعقود في الوقت ذاته؟ فمن غير المنطقي أن أتقاضى أموالاً من المجلس وأقوم بالتدقيق في أعماله في آن واحد”.
من هي APAF ؟
بحسب التقرير، وتعليقاً على كلام قعقور، فإن “شركة APAF اعتبرت أنّ “الكلفة للشخص الواحد للتكرير في المشاريع المنفذة من مجلس الإنماء والإعمار (وهي 86.71 د.أ) أقل بنسبة 10% من الكلفة للشخص الواحد المعتمدة في “منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والاتحاد الأوروبي” (OECD) (وهي 98.16 د.أ)، وهو ما تبنّاه تقرير الديوان بالكامل من دون أن يتخذ منه أي مسافة نقدية أو يُخضعه لأي رقابة”.
شركة APAF هي الفرع اللبناني لمجموعة Apaveالفرنسية، وهي شركة عالمية متخصصة في التدقيق الفني، الرقابة على الجودة، والاستشارات الهندسية. تعمل في لبنان منذ عقود وتُعتبر من المراجع الأساسية التي تعتمد عليها الدولة في تقييم المنشآت الصناعية والهندسية. ولم يكتفِ ديوان المحاسبة بتبني أرقام شركة APAF، بل غضّ الطرف عن كونها حكماً وخصماً في آن؛ فهي المدقق الفني الذي عينه القضاء، وهي نفسها المتعهد الذي نال 44 عقداً من مجلس الإنماء والإعمار بقيمة 3.1 مليون دولار. هذا التزاوج بين الرقابة والتنفيذ يفسر لماذا جاءت تقاريرها تجميلية للواقع.”
بالإضافة إلى ملف الصرف الصحي، فإن شركة Apave متغلغلة في مفاصل الدولة اللبنانية، وتحديداً في وزارة الطاقة والمياه، وهي واحدة من الشركات المعتمدة رسمياً للمراقبة والتدقيق الفني. وفي المصانع والمنشآت بحيث تكاد تكون الجهة الوحيدة التي تمنح شهادات المطابقة الفنية للمصاعد، الغلايات (Boilers)وخزانات الغاز في لبنان. وبالطبع في مجلس الإنماء والإعمار، حيث تعمل كـ “استشاري مشرف” على تنفيذ العديد من الطرق والجسور والبنى التحتية.
أما واقعاً وبحسب التقرير، فإنه “لا يجوز مقارنة أمور متباينة بصورة جذرية، إذ أن الكلفة كما هي محتسبة في الاتحاد الأوروبي هي كلفة لتأمين نظام لمعالجة متكاملة وشاملة للمياه، فيما الكلفة في لبنان هي كلفة إنشاء قطاع بالكاد يعمل وفق ما بات ثابتاً بالحد الأدنى”. مضيفاً أنه “في حال تسنى لمجلس الإنماء والإعمار تمويل المشاريع الإضافيّة التي أعلن عنها، يحتمل أن تصل الكلفة إلى ما لا يقلّ عن 3 مليارات د.أ. وفي هذه الحالة، تصل “الكلفة للشخص الواحد للمشاريع المنفذة من مجلس الإنماء والإعمار إلى ما لا يقل عن 700 د.أ أي ما يشكل أكثر من 7 أضعاف الكلفة التقديرية المعتمدة في الاتحاد الأوروبي“.
الفساد وتلوث المياه
وتشدد قعقور على أن هناك “محاولات لتمييع مسؤولية “مجلس الإنماء والإعمار”، وعدم الرغبة في تحميله التبعات”، مشيرة إلى أن “هناك دراسة أعدتها مبادرة سياسات الغد (TPI) بالتعاون مع الأستاذ سامي عطالله، كنتُ قد استشهدتُ بها قبل عامين في خطاب الموازنة لوجود علامات استفهام حول العقود المبرمة مع مجلس الإنماء والإعمار؛ إذ تشير الدراسة إلى أنه من بين 135 متعهداً، فإن 38% ممن حصلوا على هذه المشاريع لديهم صلة مباشرة بالطبقة السياسية، واستحوذوا على أكثر من 80% من الصفقات والعقود”.
يظهر هنا أن مجلس الإنماء والإعمار والعقود التي نفذها “تفتقر للشفافية وللتدقيق اللازم. كما تُطرح تساؤلات كبرى حول الجهة التي تدقق في أعمال المجلس، وحول استقلالية الشركة المدققة، مما يؤكد وجود تضارب واضح في المصالح”، وفق قعقور.
تستطرد قعقور بالقول إنه “لا يمكن الاستمرار بدون مساءلة أو شفافية أمام الشعب؛ فمن حقنا معرفة أوجه صرف هذه الأموال، وموعد تشغيل هذه المحطات والكلفة المترتبة على ذلك. كما أن من حقنا استخلاص الدروس وتقييم هدر المال العام، والاطلاع على تقييم البنك الدولي لمصير أموال المشاريع، فنحن جميعاً شركاء في هذه المسؤولية”، مضيفة أن “مسؤوليتنا في المجلس النيابي تحتم علينا تعديل هذا القانون، ولكن هناك مسؤوليات كبرى تستوجب محاسبة الفاسدين وتحديد الأدوار بوضوح”.
الفساد الذي تتحدث عنه النائبة قعقور، أودى إلى تلوث المياه السطحية وتلوث النهر الأطول في لبنان، الليطاني، وقد سبق لـ “المدن” أن تناولت في تحقيقٍ صحفي (راجع المدن) ملف تلوث 4000 هكتار من المزروعات والخضار في البقاع بمياه الصرف الصحي، وهو بحسب قعقور “نتيجة مباشرة للإهمال في هذا القطاع. فلو نُفذت المشاريع والعقود بشكل صحيح، لما اضطررنا لتناول خضروات سامة. لقد رأينا كيف أثرت تداعيات الفشل وغياب المحاسبة في محطات التكرير سلباً على الزراعة والتنمية وكافة أهداف التنمية المستدامة”.











