كمين مُقونن لا يستهدف رامي نعيم وحده!

كمين مُقونن لا يستهدف رامي نعيم وحده!

الكاتب: رامي نعيم | المصدر: نداء الوطن
22 تشرين الثاني 2025

وكأن الاحتلال السوري تركَ بعضًا من عقليّته في أذهان “الممانعين” فلا يزال بارون القمع القاضي عدنان عضوم حاضرًا في ذاكرتهم. هذا البعض نسيَ أو تناسى أن لبنان تحرّر من مركبّي الملفات، وإذا كان الجنوب لم يتحرر بعد من الاحتلال الإسرائيلي، فهو على ما يبدو لم يتحرر بعد من تطويع القضاء ليكون جزءًا من إخضاع المعارضين أو محاولة إخضاعهم.

قبل كل شيء أُعلمكم قُضاة وأمنيين وسياسيين وذبابًا الكترونيًا بأنني لن أحضر إلى أي محكمة غير المطبوعات. قراري ليس تحدّيًا لأحد بل قناعة مني بأنني سأكون السابق وزملائي سيكونون اللاحقين، وايمانًا مني بأن الترهيب ولّى يوم سقطت غطرسة مسؤول الارتباط والتواصل في “حزب الله” وفيق صفا ومن يقف خلفه وأمامه، وإيمانًا مني بأن القضاء العادل لا يكيل بمكيالَين ولا يضرب بمطرقتَين خصوصًا إذا كانت إحدى المطرقتَين بيدٍ سياسية.

لن أحضر لأنكم تُحيكون مكيدة ولا تنفذون القانون وأنا ابن مؤسسة إعلامية لها تاريخ بالنضال والمواجهة. تأكدوا أن ترهيبكم البوليسي لن يُجدي نفعًا ولن أكون إلا تحت سقف القانون لا تحت سقف الاستنسابية. قد أكون أخطأت وجلّ من لا يُخطئ لكن المحكمة الصالحة بحسب القانون لمقاضاتي هي محكمة المطبوعات، ولأنني أؤمن بضرورة إيجاد الحلول قبل طرح القضية على الإعلام، لم أوفر بابًا أو طريقًا أو صديقًا لإقناع المحامي العام القاضي وائل عبد الله بإحالة الإخبار إلى محكمة المطبوعات وفق الأصول القانونية، لكن عبدالله رفض وأصرّ على حضوري في صيدا وأنا من سكّان الزلقا وأعمل في مؤسسات إعلامية معروفة فلماذا صيدا؟ ولماذا ذهب المحاميان إلى الجنوب؟ ومن وراء طبخة الغدر هذه؟

في الإخبار حديث عن إهانة رئيس مجلس النواب نبيه بري وحديث عن إثارة الفتنة وضرب الحسّ القومي، وأنا لا أنكر أبدًا أن مواقفي عالية السقف ومباشرة لكنها حتمًا لا تحمل تجريحًا شخصيًا ولا تنمّرًا ولا دعوات إلى القتل، لا بل على العكس أنا أدعو إلى السلام وأطالب بتحقيقه وأحلم به. أما الحسّ القومي فهو “تخريفة” لا تذكرنا سوى بعدنان عضوم. وإذا كان المقرّبون من برّي أو من بيئة “الحزب” أزعجهم خطابي العالي السقف، فإن مسؤولي “حزب الله” و “حركة أمل” و إعلاميي محورهم يهينون مع إشراقة كل صباح رموزنا الدينية والسياسية.

كم مرة شُتم الرئيس الشهيد بشير الجميّل وهو أيقونتنا وكم من مرّة أهين البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لمجرد أنه نادى بالسلام وكم من مرّة شُتم رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وعائلته وعلى لسان من يدّعون أنني أثير الفتنة؟ كم مرة أهان الإعلامي حسن علّيق وعبر منصات التواصل الاجتماعي رئيس الجمهورية جوزاف عون؟ وكم من مرة أهان علي برو وفادي بو دية وغدي فرنسيس ومحمد يعقوب وبيار أبي صعب  واسماعيل النجار وحسن مرتضى وغسان سعود وووو رئيس الحكومة نواف سلام وغيرهم من السياديين؟ ألم يأت سعود بشارب سلام إلى إحدى المنصات وأخبر أنه أشبعه دعسًا؟ لماذا لم يتحرك القضاء؟ لماذا رضيتم بإهانة رئيس حكومة وانتفضتم لانتقاد رئيس مجلس نواب؟ أين أنتم يا أبطال المحافظة على السيادة؟ كيف تكونون بهذه الوقاحة وتنزعجون من انتقادي السياسي العالي السقف ولا تتدخلون لمنع هذه المهزلة الإعلامية؟

أما في العودة إلى صيدا فإن التنسيق بين وزير العدل عادل نصار مع مدّعي عام التمييز القاضي جمال الحجار رسا على حصر الدعاوى والإخبارات بحق الصحافيين بمحكمة المطبوعات، لكن مدّعي عام الجنوب القاضي زاهر حمادة الممتعض من نصار لعدم تعيينه مدعيًا ماليًا يرفض تنفيذ الاتفاق وعليه استطاع المحاميان الممانعان الدخول من ثغرة قضائية، لكن القضاء في الجنوب ليس جزيرة خاصة ولا يمكن التعامل مع استدعائي إلى صيدا على أنه إجراء قضائي بحت بل هو محاولة مقوننة لترهيبي وإسكاتي وهو ما لن يحصل.

هل نسيتم خطاب قسم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون؟ قد تتناسون بند السلاح فتذكّركم به إسرائيل وتتناسون بند الإصلاح المالي فتذكّركم به واشنطن، لكن عندما تنسون بند الإصلاح القضائي فنحن من نذكّركم به. القضاء ليس ورقة بيد أي سياسي مهما علا شأنه وليس سيفًا مصلتًا على رقاب من يرفضون سلاحكم غير الشرعي ويقفون بوجه إقفال مجلس النواب وضرب الديمقراطية. القضاء وجد لحماية الأحرار ومنع التجني ورفع الظلم وهو ما نناضل لأجله كما نناضل لاستعادة لبنان هويّته الحقيقية.

من هنا نناشد فخامة الرئيس التدخل فورًا لمنع ضرب صورته، فالرئيس نفسه لم يوقف ناشطًا أو صحافيًا على الرغم من شتمكم له وخصوصًا بعد جلسة 5 آب التاريخية. ومن هنا نناشد القاضي نواف سلام رفض أساليب القمع الممجوجة احترامًا لتاريخه المشرّف، ونسأل مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار عن وعده لنا بأننا لن نتعرّض للترهيب.

القضية ليست رامي نعيم بل ماذا بعد رامي نعيم ومن سيكون التالي. ولأن اليوم الذكرى 82 لاستقلال لبنان يمكننا الاستشهاد برجالات الاستقلال الذين رفضوا الخضوع حتى أشرقت شمس الحرية. وعلى أمل أن يعيّد القضاء عيد استقلاله فلا يبقى مأسورًا بسياسيّ من هنا وزعيم من هناك ويترافق هذا الاستقلال مع فرض الدولة اللبنانية سيادتها على كامل الوطن وحصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية عندها وعندها فقط أذهب ويذهب معي الإعلاميون الأحرار والسياسيون الأبطال إلى الجنوب وغير الجنوب ليستجوبنا قضاء مستقلّ في وطن مستقلّ!