لبنان “وسيط” بين الخارج ومطالب الحزب!

لبنان “وسيط” بين الخارج ومطالب الحزب!

الكاتب: روزانا بو منصف | المصدر: النهار
1 حزيران 2025

الحملات الانتقادية لسلام هي محاولة تدجين وترهيب فيما ان الاتصالات السياسية البعيدة عن الاضواء مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب هي لتهدئة التوتر

من رفع ” حزب الله” شروطه التي يعلنها قبل البحث في ما يعتبره استراتيجية دفاعية يعني بها المحافظة على سلاحه، الى حملاته الانتقادية لرئيس الحكومة نواف سلام والحملات الانتقادية الاخرى لوزير الخارجية يوسف رجي في موازاة اعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يشكل اكثر من اي وقت مضى الرافعة المهمة للحزب تكليف لجنة للاعداد للتجديد لليونيفيل، خط بياني متسارع لتأكيد الثنائي الشيعي سعيه لإبقاء وصايته على السياسة الخارجية للبنان ان لم يكن صياغتها كذلك وفق ما يعتقد مراقبون كثر.

فبدءا بشروط الحزب فهي تبدو وكأنها لا تتوجه الى اركان الدولة اللبنانية بمقدار ما تتجاهل هؤلاء كوسطاء او مفاوضين مع الخارج في ما ينوي الحزب مقايضته او المساومة عليه. وهذا السيل من الشروط يتوالى في شكل خاص بعد وعلى رغم زيارة قام بها وفد من الحزب الى رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ومروجا لاجواء ايجابية على اثرها موحيا ان الرئاسة الاولى على الموجة نفسها.

والحملات الانتقادية لسلام هي محاولة تدجين وترهيب فيما ان الاتصالات السياسية البعيدة عن الاضواء مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب هي لتهدئة التوتر او تخفيف من غلواء الحزب، فيما ان عدم معالجة المسألة علنا اعلاميا تترك الامور ملتبسة اذا كانت رئاسة الحكومة لا ترغب في وقوع مشكلة تصعب من مهامها علما ان كثرا يعتبرون ان مواقف سلام تساعد رئيس الجمهورية في مهمته في موضوع او ملف السلاح في لبنان. لكن المغزى هنا ان لا وحدة موقف ورأي تبرز على المستوى السياسي تدعم موقف رئيس الحكومة او تدافع عنه والامر نفسه ينسحب على المواقف التي يعلنها وزير الخارجية اذا كان يعبر عن موقف الحكومة وما ورد في البيان الوزاري وخطاب القسم فيما ان مبادرة رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع للدفاع عن مواقف رجي، وهو امر لا يحبذه كثر، تظهر الامور مفككة في اقل تعديل ووجود تفاعلات غير معلنة او يتم استغلالها.

فالتماسك الداخلي ظاهر مبدئيا وقد يكون صعبا الاقرار بان الدولة تعود فتركب بسحر ساحر او ان يقبل افرقاء بتراجع نفوذهم وقدراتهم تبعا للتطورات الاقليمية فيما يأخذ البعض على اطراف لبنانية استعجال الدولة او ” الغيرة ” مما يحصل مع سوريا باعتبار انه سيصب في مصلحة لبنان كذلك او ايضا استعجال نزع سلاح الحزب او السلاح الفلسطيني على قاعدة ان الشجرة ستبقى واقفة لبعض الوقت اذا توقف ريها ولكنها ستيبس مع مرور الوقت.

في اي حال ، فان اعلان بري غداة لقاء له مع رئيس الجمهورية تشكيل لجنة للاعداد للتجديد للقوة الدولية العاملة في الجنوب ملفت على قاعدة تكليف الحكومة وزارة الخارجية القيام بذلك اذ تطلب وزارة الخارجية والمغتربين الموافقة على التجديد لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان وحتى لو تم تكليف لجنة الاعداد لذلك فليست من مهمة بري بل الحكومة ولا يعلن عن ذلك . ففي حزيران من العام الماضي بالذات ، قدمت وزارة الخارجية والمغتربين عبر بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك رسالة من الوزير عبد الله بو حبيب إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، تطلب فيها تجديد ولاية قوات اليونيفيل لعام إضافي بناءً لطلب من الحكومة اللبنانية .

في الحد الأدنى، يخوض لبنان موضوع التجديد للقوة الدولية مجددا وظاهرا على الاقل وفقا لشروط الحزب او اشتراطاته مستعيدا ما كان عليه الوضع في الاعوام الماضية من تحديد لمهامها فيما استبق ذلك بفرض هذا الواقع او محاولة فرضه مسبقا عبر حوادث التعرض لعناصر او دوريات من القوة الدولية. وهذا ايضا كله يندرج في اطار استباق زيارة الموفدة الاميركية الى لبنان مورغان اورتاغوس والتموضع الاستباقي تحضيرا لذلك ولاوراق التفاوض معها تحسبا لتشدد اميركي ازداد حول ضرورة فاعلية القوة الدولية في الجنوب ومهامها بدأ يتصاعد منذ الولاية الاولى للرئيس دونالد ترامب.

ودخول لاعبين لبنانيين جدد على هذا الملف في ظل التغييرات الكبيرة التي شهدها الجنوب بعد الحرب الاسرائيلية وفي ظل شروط وقف النار وبدء تنفيذ القرار 1701 يثير توترات جديدة لا سيما في ظل عدم معارضة واشنطن المقاربة الاسرائيلية لتنفي وقف النار مع لبنان او اقله عدم ردع اسرائيل.