لبنان يواصل الدوران على تخوم الجحيم وتشكيل الحكومة ممكن

لبنان يواصل الدوران على تخوم الجحيم وتشكيل الحكومة ممكن

المصدر: الجمهورية
4 حزيران 2022

اذا كان القصر الجمهوري لم يصدر عنه ما يبرّر التأخّر في تحديد موعد استشارات التكليف، فإنّ مصادر سياسية مسؤولة أكدت لـ»الجمهورية» انّ «وضع لبنان يواصل، وعلى مرأى الجميع، الدوران على تخوم الجحيم، وكلّ دقيقة تمرّ من دون ان تستغل ويُستفاد منها، تعجّل في المسار الانحداري نحو الجحيم، أو بمعنى أدق الى الدرك الاسفل من النار على حدّ تعبير رئيس مجلس النواب نبيه بري. فالانتخابات انتهت، وثمة فرصة تلوح امام اللبنانيين ينبغي التقاطها قبل فوات الأوان، ونبكي على اطلال من صنع ايدينا.

وبحسب ما تؤكد مصادر اقتصادية مسؤولة لـ»الجمهورية» فإن لبنان استنفد كلّ الوقت الذي اتيح امامه لاعادة ترتيب اموره، ولم يبق امامه ليعود ويتنفس سوى فترة زمنية قصيرة جداً لا تزيد عن شهرين لإعداد طبخة الانقاذ والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والّا فإن لبنان على باب الدخول في مرحلة جمود شديد السلبية، لبضعة اشهر اضافية تمتد الى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، وهذه المرحلة في ظل وضع داخلي فالِت على كل المستويات، مُرشّحة لأن تشهد سيناريوهات غير محسوبة وغير محمولة في سلبياتها وضغوطها، لا يملك أحد تقدير مَدياتها التي قد تبلغها، حيث لا كوابح فيها للدولار وكذلك للاسعار، ولا حدود فيها للانهيارات في ما تبقى من قطاعات ومؤسسات».

 

وتدق المصادر الاقتصادية الجرس والانذار ممّا تسمّيه «الخطر الأكبر» التي يلوح في أفق لبنان، وتقول: لبنان في هذه الفترة، يعاني نزيفاً حاداً في الاحتياط النقدي يتراوح في اقل تقدير بين 30 الى 35 مليون دولار يومياً، وهذه الاموال بالتأكيد هي اموال المودعين، واذا ما استمرّ هذا النزيف من دون ان تبادر الجهات المسؤولة في الدولة، سواء على المستوى الرئاسي او الحكومي او النيابي الى بلورة العلاجات السريعة والفورية لوقف هذا النزيف، فلن يتأخر الوقت ليصل لبنان الى الافلاس الحقيقي، على ما وصلت اليه سيريلانكا قبل ايام، التي شحّ احتياطها من العملات الصعبة بالكامل، وباتت تتوسّل العالم لكي يمدّها بالقمح والمحروقات. فهل تريد المكونات السياسية المتنافرة مع بعضها البعض إيصال لبنان الى «الشحادة» التي قد لا يجد في هذه الحالة من يمد له يد العون»؟

 

اللافت في المسار الحكومي، هو انّ الاوساط السياسية تعبق بالحديث عن موانع لتشكيل الحكومة، والتداول بسيناريوهات تفترض انّ تشكيل الحكومة في المدى المنظور أمر شديد الصعوبة وذلك لتعذّر التوافق السياسي حيالها، فضلاً عن ان تشكيل مثل هذه الحكومة قبل اشهر قليلة من الاستحقاق الرئاسي الذي يوجِب تشكيل حكومة جديدة بعده، لن يقدّم او يؤخر، بل انّ المخرج الأسلم هو الابقاء على حكومة تصريف الاعمال، وقيادة البلد بالحد الادنى من الاضرار.

 

الا انّ هذه المقولة يرفضها مرجع سياسي مسؤول، ويعتبرها وصفة خبيثة لدفع الوضع الداخلي في لبنان الى مزيد من الاهتراء. وقال لـ»الجمهورية»: انّ مثل هذه الترويجات إمّا هي نابعة عن جهل، وامّا هي نابعة عن خبث متعمّد، الا انّ نتيجتها واحدة وهي رَمي لبنان في التهلكة.

وأضاف: خلافاً لكل ما يقال، فإن تشكيل الحكومة ممكن وفي فترة قياسية إن صفت النوايا السياسية، ورفع كل الاطراف مصلحة لبنان فوق كلّ الاعتبارات. لقد آن الاوان لكي يتحلى الجميع بشيء من المسؤولية.