أين الانهيار في سقوف المواصفات الرئاسية؟

أين الانهيار في سقوف المواصفات الرئاسية؟

الكاتب: روزانا بو منصف | المصدر: النهار
17 آب 2022

في خضم حرب مواصفات الرئيس العتيد للجمهورية وسقوف الافرقاء السياسيين، يستمر البلد في الانهيار او هو لا يزال مستمرا في الذهاب اليه لان لا قعر في الواقع لهذا الانهيار بمعنى انه لن يصل الى نقطة ما ويقف عندها كما يعتقد البعض او كما تعتقد الغالبية من اللبنانيين كما لو اننا في البحر او ما شابه ، بل هذا الانهيار يستمر ويتدحرج

هذه خلاصة خبراء ماليين سياسيين فيما ان المحاذير في مقاربة موضوع الرئاسة تشكل عدة امور من بينها : اولا ان المقاربة التي اعتمدت خلال الاشهر القليلة الماضية لا سيما بعد الانتخابات النيابية والتي مفادها اننا بتنا قريبين من نهاية عهد وتاليا لا جدوى من القيام باي اجراءات مهمة لا سيما ان هذا العهد لم يكن ايجابيا خلال ولايته وتاليا لا ضرر من الانتظار حتى نهايته، امر قد يكون منطقيا.

ولكن الخطر يكمن في الا يبقى هذا الانتظار قصير الامد اي من ضمن المهلة الزمنية المحدودة بنهاية ولاية ميشال عون وضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل ٣١ تشرين الاول المقبل. فاذا تجاوز لبنان هذه المهلة، فان مخاطر كبيرة مفتوحة تحدق به على قاعدة ان مفعول الانتظار سيكون سلبيا اي هو بمفعول الفراغ العملاني الذي سيحصل . فاذا لم يذهب لبنان الى انتخاب رئيس في الموعد المحدد وفق ما يلوح كثيرون ان من خلال شروطهم العالية السقوف او من خلال ابداء مصالحهم او رؤيتهم، فلبنان مستمر في الانهيار . ولا يجب ان يعتقد اهل السلطة او الافرقاء السياسيون ان هناك شيئا اسمه استمرار الستاتيكو القائم لاعتبارات قد يكون اهمها ان لا شيء مستقر وقائم حتى الان ولا امكانات لدى الدولة من اجل تمويل عدم الاستمرار في الانهيار او حتى تجميده .

اذ لا مقومات تملكها الدولة بمؤسساتها التي تتفكك من اجل ادارة المراوحة التي تدور فيها منذ اكثر من سنتين بما في ذلك مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حيث برز على نحو واضح ان البلد لا يزال يذهب الى الانهيار ولم تهدأ الامور او تستقر على سقف معين اجتماعيا واقتصاديا بحيث يمكن الاستنتاج بانه يمكن ادارة الازمة . يضاف الى ذلك المخاوف من ان تجاوز المهلة الدستورية وفتح البلد على الفراغ سيعني عملانيا افتقاد الافرقاء السياسيين لاي دور فعلي في الوصول الى اختيار الرئيس المقبل لان الامور ستكون اكثر ارتباطا بتسوية تأتي من الخارج ويتم اخراجها لبنانيا او قد تذهب الامور الى مكان اخر اكثر سوءا .

ثانيا ان الذهاب الى اختيار رئيس لا يمتلك مواصفات الحد الادنى من القدرة على التغيير من اجل اخراج البلد من ازمته واعادة فتحه على العالم والمنطقة كما اعادة الثقة من اللبنانيين باعادة بناء الدولة، فانما يعني انعدام فرصة البلد للخروج من واقعه الراهن . اذ ان البناء على استخراج قريب للغاز من البحر ينقذ لبنان هو بمثابة شراء السمك في البحر لان اي نتائج محتملة وفي حال ادار لبنان هذا الملف بالمقدار الافضل من الشفافية، وهذا امر مشكوك فيه، لن تظهر قبل مرور ولاية رئاسية كاملة جديدة على الاقل ما يعزز الحاجة الى انقاذ لبنان بما هو متوافر امامه وحتمي لبقائه .

لا خيارات كثيرة امام السياسيين للمفاضلة بينها انطلاقا من ان احتمال الوصول الى رئيس يحافظ على الحد الادنى مما بقي في مرحلة انتظار حتى اوان الحلول في المنطقة او انتقالية بمعنى ادارة الازمة هو خيار اعتمد منذ اتفاق الدوحة ومنذ ذلك الوقت بات البلد الى انحدار لا حاجز امامه. وهذا ترف لم يعد واردا فيما يفقد لبنان قدرته على تأمين الحد الادنى لموظفيه وعناصره العسكرية والامنية وعلى تأمين الخبز للبنانيين .

ولذلك ليس المجال متاحا لاي مرشح رئاسي من الطائفة المارونية بل لقلة قليلة جدا جدا يفترض ان تلبي هذه الشروط بعيدا من الانتماءات السياسية المحورية في الدرجة الاولى وبعيدا عن شروط المصالح السياسية ما لم يكن الهدف من الدفع الى الانهيار وفق ما اتهم البنك الدولي المسؤولين السياسيين هو المزيد من الانهيار وانحلال مؤسساته . اذ ان الاحتمال بترك البلد يتفكك اكثر بانهيار لا قعر له كان في الواقع رهانا خيض في مواجهة منع تطور انتفاضة اللبنانيين ونجاحها ، وهو ما ادى الى اجراء عملية تحول جذرية في البلد من دون بذل جهد كبير لذلك بدليل ما بات عليه لبنان خلال الاعوام الثلاثة الماضية والتبدل الذي يمكن معه القول بانه لم يعد كما في الماضي ولم نعد نعرفه . اذ ان الانهيار ومترتباته اديا الى نشوء طبقات جديدة على مخلفات الطبقة الوسطى والثرية نسبيا والتي افقرت وبدأت طريقة عيش جديدة وادارة اقتصاد جديد وحتى توزيع ديموغرافي جديد بحيث لم يعد يمكن القول بامكان العودة الى السابق ما دام لبنان ذهب الى القعر وما ابعد منه ايضا .

يقول هؤلاء الخبراء ان ما يحتاج اليه لبنان في المرحلة المقبلة ليس هو نفسه في رأس قائمة اهداف القوى السياسية وفق ما يظهر من الشروط التي تتناسل حول مواصفات الرئيس المقبل على امل ان يكون ذلك رفعا للسقوف وليس نسفا كليا لاحتمال وصول رئيس جديد في المدى المنظور وليس فقط ضمن المهلة الدستورية لانتخاب رئيس. في حين ان المقاربة الرئاسية هي نفسها حتى الان كما كانت في السابق وبالصراعات نفسها حتى بين من يفترض ان يكونوا من محور سياسي واحد بعناوين كبرى وليس حلفاء ضرورة .كما ان الاطراف السياسية لم تظهر منذ نشوء الازمة قبل ثلاث سنوات انهم على المستوى المطلوب والاهلية اللازمة . هل يعرفون على الاقل اين يجب ان يذهب لبنان وكيف ؟