
خاص: هل تقع الحرب؟
مع ارتفاع منسوب التصعيد في المنطقة والحديث المتكرر والمتزايد عن حرب على الأبواب بدا اللبنانيون حائرين متخوفين على مصيرهم وما ينتظرهم من تداعيات. وباتت الحرب الموشكة محور مجالسهم: هل تقع الحرب فعلًا؟ أين تكون ساحتها؟ هل هي حرب شاملة في المنطقة أم مواجهة واسعة على الجبهة الجنوبية مع إسرائيل؟ هل هي عودة إلى التقاتل الداخلي على خلفية الانقسام العمودي بين اللبنانيين؟
أسئلة جمّة وتحليلات متشعبة ولكن عمليًا فهل من مبرر لكل هذه المخاوف؟
على الأرض كل ما يدور من حولنا يدعو للريبة من الحدود اللبنانية الإسرائيلية حيث لا يكاد ينقضي يوم من دون توتر ما على الخط الأزرق إلى انفجار الوضع داخل مخيم عين الحلوة على خلفية اغتيال مسؤول كبير في فتح والخوف من انتقال التوتر إلى باقي المخيمات الفلسطينية وبالتالي انعكاسه على النسيج اللبناني.
وقائع عززت فرضية اندلاع الحرب بخاصة مع طلب دول الخليج المفاجئ من رعاياها مغادرة لبنان على وجه السرعة.
كل هذه التطورات تحصل في ظل شلل تام يظلل مؤسسات الدولة اللبنانية من الفراغ الرئاسي إلى حالات تصريف الأعمال المتعثرة في الحكومة ومصرف لبنان والتي من المتوقع أن تمتد الى قيادة الجيش، من دون أن ننسى الانهيار المالي والاقتصادي المتواصل منذ ثلاث سنوات.
إذًا انسداد سياسي لا مثيل له واحتقان أمني متنقل ووضع إقليمي ودولي متقلب بخاصة مع فرملة المفاوضات السرية بخصوص البرنامج النووي الإيراني والذي ترجم بتحركات عسكرية أميركية على الحدود العراقية السورية وإرسال قوّة بحرية جديدة إلى المنطقة إضافة الى شد حبال روسي أميركي يبدأ من أوكرانيا ولا ينتهي في سوريا.
وفي سياق غير بعيد جمود يسود المفاوضات اليمنية وتأجيل إعادة فتح السفارات بين السعودية من جهة وايران وسوريا من جهة أخرى ما يشي بتراجع فرص نجاح الاتفاق السعودي الإيراني.
إذا واقع دولي وإقليمي مفصلي معقد وشديد التوتر وواقع محلي مغلق على كل الحلول في ظل تمسك كل طرف بمواقفه من الملف الرئاسي، فهل يعني كل ما تقدم أن الحرب آتية لا محالة وقد تكون مدخلًا لفرض الحلول في أكثر من ساحة؟
طبعًا اشتعال فتيل الحرب يبقى فرضيّة إلا أن حسابات الحرب ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض وهي إن حصلت ستكون مكلفة وغير محسومة النتائج لذا فإن الاحتمال الأكبر يبقى الاستمرار في لعبة عض الأصابع إقليميا ومحليا.
بما يعنينا في لبنان فإن الاحتمالين سيكونان مكلفين كون البلد يشهد انهيارًا على كافة المستويات وإن الحرب إن حصلت فهي ستقضي على كل أمل بالنهوض. وإن احتمال استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم سيعمق الأزمة ويمدد الإقامة في جهنم إلى أمد بعيد.
أخيرا على اللبنانيين ألا يبنوا آمالًا لا على الحرب ولا على الخارج لحل مشاكلهم وإنّ مصلحتهم تكمن بالتلاقي واجتراح الحلول التي تتلاءم مع ظروفهم ومصلحة بلدهم بعيدًا عن الرهانات الخاطئة على حروب من هنا غير محسومة النتائج ومتغيرات دولية من هناك قد لا تأتي أبدّا.
