
خاص – لبنان نحو الجنون العظيم… ظواهر صادمة في شوارع بلد يحتضر
في بلدٍ يترنّح على حافة الانهيار، لم تعد الظواهر الصادمة والغريبة أمرًا نادرًا، بل تحوّلت إلى جزء من المشهد اليومي.
في الآونة الأخيرة، شهد اللبنانيون مواقف وسلوكيات غير مألوفة، بعضها يصل حدّ الجنون، وبعضها الآخر يعبّر عن حالات يأسٍ وانهيارٍ نفسي تام، نتيجة واقعٍ اجتماعيٍّ واقتصاديٍّ وسياسيٍّ خانق، فُرض عليهم قسرًا.
من رجال يسيرون عراة في الشوارع، إلى صراخٍ هستيري في الأماكن العامة، إلى اعتصامات فردية يائسة، وحالات انتحار تزداد يومًا بعد يوم، يبدو أن اللبناني لم يعد يحتمل هذا الجحيم المفتوح الذي يعيش فيه، والمواطن الذي كان يومًا مثالًا للكدّ والصبر، بات اليوم مثالًا للفقد، فقدان المعنى، وفقدان السيطرة.
هذه الظواهر ليست “طرائف”، ولا يمكن التعامل معها كمواد ترفيهية تُتداول على مواقع التواصل. هي صرخة، مدوّية، ضدّ طبقة سياسية أوصلت البلاد إلى الدمار، ضدّ نظامٍ ماليّ سرق الناس من مصارفهم، ضدّ مسؤولين يتلذذون بالسلطة، يعطّلون ولادة الحكومات، يعطّلون عمل المؤسسات بسبب تناتشاتهم على تقاسم الجبنة، فيما الناس يبحثون عن كسرة خبز وعلبة دواء.
من الذي جرّد الإنسان من إنسانيته؟ من الذي جعله يرى في العري، أو في الفوضى، أو في الجنون، شكلًا من أشكال التعبير؟ من الذي جعل الناس يفرّون من الواقع بأيّ وسيلة، حتى لو كانت تلك الوسيلة مؤذية أو مهينة أو غير مفهومة؟
الجواب واضح: “سلطة” متجذّرة لا ترى. لا تسمع. لا تخجل. لا تفسح المجال أمام رجال التغيير. “سلطة” ما زالت ترفع شعارات المقاومة والسيادة، بينما المواطن يقاوم وحده الجوع والبرد والظلمة واليأس.
والحرب الأخيرة التي اندلعت بين حزب الله وإسرائيل زادت الطين بلّة، إذ عمّقت الخوف، وشلّت الاقتصاد، ودقّت مسمارًا جديدًا في نعش الدولة التي ما عادت دولة.
يا أيها الذين التصقتم بالكراسي التصاق الجبن بالهروب، ما تشهدونه اليوم ليس “فلتانًا أمنيًا”، ولا “سلوكيات فردية”، بل هو الارتداد العنيف لخيانتكم المستمرة لهذا الشعب. كلّ مشهدٍ غريب في الشارع هو نتيجة مباشرة لقراراتكم، لصراعاتكم، لفسادكم، لصمتكم، لوقاحتكم.
كفى! لم تعد الأمور تحتمل. لم نعد نعيش، بل نتعفّن في يوميات الذل.
إن لم توقظكم مشاهد الانهيار من غيبوبتكم، فانتظروا لحظة لن يُبقي فيها الشعب عليكم لا اسمًا ولا سلطة.
لبنان لم يعد وطنًا. أصبح مستشفىً للمجانين، وغرفة انتظار للموت.
لقد بلغ السيل الزبى.