لجنة المال تجتمع غداً: موقف الحاكم حاسم

لجنة المال تجتمع غداً: موقف الحاكم حاسم

الكاتب: عماد الشدياق | المصدر: نداء الوطن
6 ايار 2025

كان يُفترض أن تعقد لجنة المال والموازنة، صباح أمس الإثنين، جلستها الثانية لدراسة مشروع قانون هيكلة المصارف. إلاّ أنّ عدداً كبيراً من النواب طالب رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان بإرجائها إلى يوم غدٍ الأربعاء، وذلك بعد “يوم انتخابي طويل” شهدته محافظة جبل لبنان يوم الأحد، وكان أغلب النواب غارقين في تفاصيله.

في جلسة لجنة المال والموازنة المنتظرة غداً، سوف يحضر حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، إذ تقول مصادر مطّلعة على هذا الملف لـ “نداء الوطن”، إنّ الحاكم سوف يحمل في جعبته ملاحظات على مشروع قانون هيكلة المصارف الذي أعدته الحكومة، ويُفترض أن يطرحها على طاولة لجنة المال والموازنة.

المصادر نفسها تقول إنّ ملاحظات الحاكم “سوف تحدّد مصير القانون”. فإذا كانت جوهرية وتمسّ ببنية المشروع لتطال قانون الفجوة المالية، فإنّ التأجيل سيكون واقعاً لا محال. أمّا إذا جرى استيعاب تلك الملاحظات، والأخذ بها من دون المسّ بما يتعدى “هيكلة المصارف” فإنّ نية لجنة المال والموازنة معقودة على دراسته بالسرعة والجدية المطلوبة تمهيداً لإقراره في الجلسة العامة.

عملياً، هذا الكلام يعني أنّ مصير قانوني “هيكلة المصارف” و”الفجوة المالية” في يد الحاكم كريم سعيد، الذي كان يُفترض أن يحضر الجلسة الأولى ويطرح ملاحظاته تلك، لكنّه تغيّب بسبب تواجده خارج البلاد، فاقتصرت الجلسة الأولى على النقاشات العامة، حيث تقدم كل نائب من بين النواب الـ 45 الذين حضروها، بوجهة نظره حول مدى “أحقية” ربط مشروع قانون هيكلة المصارف بمشروع قانون “الفجوة المالية” (وهو القانون الأساسي الذي يختصر 90 % من لبّ الأزمة). وقد استقرت أغلب الآراء، بحسب مصادر مجلس النواب، على ضرورة أن تُبت تلك القوانين سريعاً، مع دعوة الحكومة إلى الإسراع في إقرار مشروع قانون الفجوة المالية بالتنسيق مع مصرف لبنان باعتباره المعنيّ الأول في هذا الملف، مشددين على أنّ الحكومة أسرفت في الوقت ولا يمكنها التأخّر أكثر من ذلك لإقراره.

المصارف تطالب بالحضور

تلك ليست كلّ العقبات التي تقف في وجه قانون الفجوة، إذ تعتبر المصارف أنّ الحكومة وكذلك البرلمان “يطبخان” القوانين منفردين وهذا يعرّض تطبيقها للخطر.

فقد علمت “نداء الوطن” أنّ وفداً من جمعية المصارف اجتمع بوزير المالية ياسين جابر في الأيام القليلة الماضية، وطالبه باسم جميع المصارف، بحضور الاجتماعات الخاصة بمشروع قانون “الفجوة”.

في نظر المصارف، فإنّ اجتماعات الحكومة وكذلك البرلمان، بعيداً عنها وعن المودعين، هو نوع من أنواع “تضارب المصالح”. لأنّ الجهة الدائنة هي الدولة (في شقيها: الحكومة ومصرف لبنان). وبالتالي، من غير المنطقيّ أن يجتمع المديونون بعيداً عن أصحاب الدين الحقيقي، ويبتون بالقوانين وفق الطريقة التي تناسبهم. ومن هذا المنطلق فإنّ حضور ممثلين عن المصارف وعن المودعين هو أمر ضرروي، باعتبارها الجهة التي ستقدّم التضحيات وتدفع الأثمان.

بانتظار ردّ وزير المال..

موقف وزير المالية حيال هذا المطلب، ما زال غير واضح حتى اللحظة، إذ ينتظر وفد المصارف جواباً منه. أوساط مصرفية تعتبر أنّ جابر يندفع في السير خلف توجهات رئيس الحكومة نواف سلام وفريق عمله (من أصحاب طروحات “كلّنا إرادة”)، لناحية البتّ بالقوانين وفق ما يطلبه صندوق النقد الدولي بلا أيّ نقاش. تلك الأوساط تعترف بأنّ الجوّ العام منقسم على نفسه، وفق 3 مقاربات:

1. أصحاب المقاربة الأولى، ينطلقون من ضرورة السير بتوصيات صندوق النقد بلا أيّ نقاش، وفي نظر الأوساط المصرفية إنّ هؤلاء يتبنون خيارات متسرعة وخاطئة.

2. أصحاب المقاربة الثانية، يرفضون البحث بأيّ حلول مصدرها صندوق النقد الدولي، وتؤكّد الأوساط نفسها بأنّ هذا الطرح يستحيل أن ينجح نتيجة الضغوط التي تُمارس من الخارج في كل الاتجاهات، ولا بدّ من تبني خيار ثالث.

3. أصحاب المقاربة الثالثة، وهي الأكثر عقلانية، وتفيد بأنّ المنطق يقضي بالموافقة على برنامج مساعدة من صندوق النقد الدولي، لكن بعد تفاهمات حول النقاط الخلافية… وتلك هي “خير الأمور وأوسطها”.

آخر دواء الكي

إذاً، في نظر المصارف فإنّ المعركة الحقيقية تكمن هنا. وحضورها جلسات نقاش الحكومة والبرلمان هي جوهرية من أجل الوصول إلى النتائج المرجوة. أمّا إذا تخلفت السلطة عن تلبية هذا المطلب وسارت بما ترتئيه ويناسب مصالحها، فتؤكد الأوساط المصرفية بأنّ آخر دواء الكيّ، وإن كان من المبكر جداً الحديث عن تلك الخيارات، إذ سوف تستأنف المصارف السير بالـ Plan B التي تقضي بالتحرّك بشكل مضاد، وذلك من خلال التقدّم بدعاوى قضائية.

أمّا عن الشعبوية التي يستخدمها البعض من خلال الدعوة إلى محاسبة المصارف على “الهندسات المالية” بعد قانون رفع السرية المصرفية، فتستهزئ الأوساط المصرفية بتلك التُهم، وتؤكد أنّ كل ما يتصل بملف الهندسات، “قانوني 100 % ومسند بقوانين وتعاميم صادرة من مصرف لبنان في تلك الفترة”. وتؤكدّ أنّ الحديث عن الهندسات “مُحرّف”، إذ يُفترض بمن يطرح هذه الإشكالية، الخوض عميقاً في “أسباب لجوء مصرف لبنان إلى تلك الهندسات، وليس إلى نتائجها فحسب”، معتبرة أنّ السبب الأساسي الذي ألزم “المركزي”، وبالتالي المصارف، على “تجرّع كأسها” في تلك المرحلة، هو إفلاس الإدارة، وحاجة السلطة السياسية للعملات الصعبة، للأسباب التي لم تعد خافية على أحد… إلاّ على “أصحاب النوايا”.