” نسخة من تقرير ديوان المحاسبة: فوضى في إنفاق الـ SDR وغموض ومخالفات

” نسخة من تقرير ديوان المحاسبة: فوضى في إنفاق الـ SDR وغموض ومخالفات

الكاتب: لوسي بارسخيان | المصدر: نداء الوطن
14 ايار 2025

علمت “نداء الوطن” أن ديوان المحاسبة أنهى دراسته لملف إنفاق أموال “حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي” (SDR) والتي كان قد باشر بها نتيجة لعدم الوضوح حول ما إذا كان لبنان قد استخدم مخصصات حقوق هذا السحب بشكل صحيح وفعال. وقد صدر هذا التقرير عن الغرفة الرابعة في الديوان برئاسة القاضية نيللي ابي يونس وعضوية المستشارين نجوى الخوري ورانية اللقيس.

تتعلق الدراسة بالأموال التي أنفقت من حقوق السحب الخاصة، والتي استخدم لبنان جزءاً منها في الدعم ومن ثم العودة عنه. ويتطرق إلى ما حصل من تبديد للأموال بدلاً من صرفها في أوجه كان من شأنها أن تساهم في نهوض البلد من أزمته الاقتصادية. كما يبحث في ما إذا كان استخدام هذه المخصصات قد تم بصورة شفافة ومسؤولة تدعم التعديلات والإصلاحات اللازمة على مستوى الاقتصاد الكلي. ليخلص إلى أن صرف هذه الأموال قد تم من قبل الحكومة في غياب أي خطة أو رؤية تنموية إنتاجية.

بحسب قراءة أولية للتقرير الذي يقع في 75 صفحة وحصلت “نداء الوطن” على نسخة منه، فإنه خلص إلى أن “الطريقة التي تم التعامل بها بأموال مخصصات حقوق السحب الخاصة منذ ورودها إلى صرفها ودفعها للجهات المستفيدة، قد خالفت أصول إدارة الأموال العمومية والحفاظ عليها، وأن هذه العمليات خرجت من إطار الرقابة وفقاً للتشريعات النافذة، وهذا الأمر إن دل على شيء إنما يدل على عدم انتظام الأمور المالية وإدارة الأموال العامة من قبل القيمين عليها، لا سيما عندما يتعلق الامر بمواضيع تمت تغذيتها من حقوق السحب الخاصة.

وفنّد الديوان أسباب هذه المخالفات، مشيراً إلى ما يلي:

أولاً: إن الإنفاق تم من دون إجازة مسبقة من مجلس النواب.

ثانياً: تمت الموافقة على الدفع من حقوق السحب الخاصة، على أن تفتح لاحقاً الاعتمادات والاعتمادات الإضافية في الموازنة حين إقرارها، علماً أن أي قانون موازنة لم يصدر في سنة 2023.

ثالثاً: لا وضوح لدى وزارة المالية لما تم صرفه من أموال حقوق السحب الخاصة ولا يوجد فيها قيود في حسابات الدولة اللبنانية التي تنظمها وزارة المالية، ومن النتائج المباشرة لذلك التباين الحاصل بين رصيد حقوق السحب الخاصة بالدولار الأميركي الذي احتسبته الأمانة العامة لمجلس الوزراء استناداً إلى معلومات وزارة المالية، وبين رصيد هذا الحساب الذي صرح به مصرف لبنان وفق الجداول الصادرة عنه.

رابعاً: عدم ممارسة أي رقابة على الإنفاق من أموال حقوق السحب الخاصة من قبل وزارة المالية أو ديوان المحاسبة وفقاً لأحكام القوانين. إذ لم يخضع الإنفاق لأي رقابة مسبقة قبل التنفيذ إضافة إلى صعوبة إجراء الرقابة اللاحقة، وفقاً لما صرحت به وزارة المالية، نظراً لطول الفترة الزمنية الفاصلة بين تنفيذ النفقات وتسجيل القيود المحاسبية العائدة لها، ونظراً لضخامة كمية العمل المطلوب إنجازه، مع قلة الموارد البشرية المتاحة لدى مديريات وزارة المالية المعنية بالتسجيل والتدقيق. هذا بالإضافة إلى عدم تجاوب الإدارات مع الوزارة لجهة تأمين المعلومات والمستندات الثبوتية اللازمة ضمن الوقت المناسب والمعقول، مما شكل عائقاً إضافياً امام عملية تسجيل القيود المحاسبية واستكمال إنجاز الحسابات المالية للدولة وتدقيقها من قبل وزارة المالية وإجراء الرقابة اللاحقة.

خامساً: مخالفة الأحكام القانونية الخاصة بإعطاء سلفات الخزينة من خلال السماح بإعطاء سلفات خزينة من أموال حقوق السحب الخاصة التي وضعت في حساب خارج حسابات الخزينة اللبنانية، مع العلم أن سلفات الخزينة وفق المادة رقم 203 من قانون المحاسبة العمومية هي إمدادات تعطى من موجودات هذه الخزينة لغايات محددة.

التقرير الذي تضمن عرضاً مفصلاً للمخالفات والتناقضات التي وردت في مقاربة حسابات وحدات السحب، تحدث عن مدفوعات وبمبالغ كبيرة تمّت من قبل مصرف لبنان، دون صدور قرار مسبق عن مجلس الوزراء يجيز دفعها من حساب حقوق السحب الخاصة، كإنفاق مبلغ فاق الـ 13 مليون دولار مثلاً لتمويل إنجاز جوازات سفر بيومترية، أو مبلغ 25 مليون دولار لزوم دعم الخبز لمدة شهرين، أو الأموال المدفوعة لدعم الخبز والقمح. علماً أن تقرير الديوان لفت إلى الكلفة العالية التي تفرضها الاستفادة من هذه المخصصات، ولا سيما أن الفوائد غير محددة بمبلغ ثابت بل هي فائدة متحركة.

كما تحدث التقرير عن صدور قرارات عديدة عن مجلس الوزراء تقضي بالموافقة على سبيل التسوية على مدفوعات سابقة تمت خلافاً لأحكام قرارات سابقة صادرة لم تجز ما تمت تسويته لاحقاً.

بحسب المعلومات فإن رئيس الديوان محمد بدران سلم نسخة من هذا التقرير إلى كل من الرؤساء الثلاثة، وستحال نسخة منه إلى كل من المراجع المختصة، وهو يتضمّن أيضاً توصيات للدولة اللبنانية في حال تمت توزيعات جديدة لوحدات من حقوق السحب وقررت استخدامها، تتيح استخدام هذه الحقوق بطريقة مسؤولة وحكيمة وبما يحقق أكبر فائدة للبلد، وفقاً لما دعت اليه المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، التي لفت تقرير الديوان أيضا إلى تصريحات سابقة لها، رأت فيها “أن تخصيص لبنان بحقوق السحب الخاصة لن يحل المشكلات الهيكلية ومشكلات النظام على المدى الطويل”، وحثت على ضرورة تشكيل حكومة تتمتع بالقدرة على إجرء إصلاحات وإعادة إحياء الاقتصاد المتداعي.

للاطلاع على تقرير ديوان المحاسبة بالكامل، اضغط هنا