خاص – سوريا: مشروع حرب أهلية

خاص – سوريا: مشروع حرب أهلية

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
5 ايار 2025

عندما سقطت الديكتاتوريات في ما سمي الربيع العربي، كان البديل هو الفوضى والحرب. فبعد سقوط صدام حسين، تحولت الأراضي العراقية إلى مسرح للصراعات ولانتشار الإرهاب، ولدخول إيران على خط التخريب. أما ليبيا مثلا، فلا تزال الفوضى فيها منتشرة بعد أعوام على إطاحة معمر القذافي. واليوم، مع سقوط ثالث الديكتاتوريات في سوريا، يقف هذا البلد على حافة حرب أهلية، اندلعت بالفعل شراراتها الأولى.

ويكاد الوضع في سوريا اليوم يشبه الوضع في لبنان عشية حرب العام 1975. فالبلد يعاني حالة من الهشاشة على كل الصعد العسكرية والمؤسساتية والاقتصادية. كما أن للدول المحيطة مصلحة في زرع الفوضى، إضافة إلى وجود حالة من الاحتقان الطائفي المتبادل، نتيجة عقود من الحكم الاستبدادي لآل الأسد، ثم الحروب التي تتالت منذ 2011، وصولا إلى سقوط النظام.

ومن اللاعبين الخارجيين على الساحة السورية، تأتي إسرائيل في الصدارة. فصحيح أن سقوط الأسد أنهى نفوذ إيران الذي تعاظم كثيرا في سوريا، ولكن وصول أحمد الشرع، زعيم جبهة “النصرة” سابقا، إلى الحكم، لم يكن أمرا مريحا بالنسبة إلى إسرائيل. فهي لا تريد استبدال النفوذ الإيراني بحكم متشدد مدعوم من تركيا.

وما يجري من أحداث في المناطق الدرزية في سوريا هو الدليل الأوضح إلى الدور الإسرائيلي الذي يلعب على محور التناقضات، فيدعم الدروز، ويشجعهم على الانفصال، فيما تعمق إسرائيل احتلالها للأراضي السورية، وتقصف أهدافا متنوعة، بهدف منع النظام الجديد من تقوية نفسه. فمصلحتها تكمن في أن يبقى الحكم ضعيفا، أو أن تنشأ مناطق تتمتع بحكم ذاتي، وتشكل في الوقت عينه ما يشبه المنطقة العازلة. وهذا الأمر يجعل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية طويل الأمد. فتبقى السيطرة على قمة جبل الشيخ الاستراتيجية في أيدي القوات الإسرائيلية. كما تحتفظ إسرائيل لنفسها بحق توجيه ضربات إلى أهداف داخل سوريا، ساعة تشاء.

ويشجع نشوء منطقة ذات حكم ذاتي لدى الدروز، على قيام مناطق مشابهة على الساحل العلوي وفي المناطق الكردية في الشمال. واللافت أن كلاما صدر عن أحد رموز النظام رامي مخلوف يهدد فيه بأن لديه مقاتلين يعدون 150 ألفا، بمعزل عما إذا كان هذا الكلام يفتقرإلى الدقة وإلى الصحة. ويبدو بالتزامن أيضا أن الاتفاق الذي تم مع الأكراد قبل فترة يترنح بدوره.

ولكن، هل ستبقى تركيا صامتة إزاء كل ذلك، أم ستتدخل في شكل من الأشكال، ربما يكون أحدها تقديم الدعم لحكم أحمد الشرع، بما يسعر الصراع الداخلي، وقد يحوله إلى حرب طويلة المدى؟

ويتخوف البعض من تأثر لبنان أيضا بالتطورات التي يمكن أن تحصل في سوريا، ما لم يتمكن الحكم فيه من تطويق أي مشكلة يمكن أن تطرأ في مهدها. وعلى رأس المشاكل التي ينبغي حلها سريعا هو ملف سلاح “حزب الله”، كي لا يدخل هذا السلاح في المشروع الفتنوي.

في كل الأحوال، تتخذ إسرائيل من عدم نزع سلاح “الحزب” حجة للبقاء في التلال الخمس المحتلة في الجنوب. كما تعطي لنفسها الحق بتوجيه ضربات إلى أهداف في مناطق لبنانية من الجنوب وصولا إلى ضاحية بيروت الجنوبية.

وببقائها في لبنان وفي سوريا، تضمن لنفسها السيطرة الأمنية وضرب كل سلاح ثقيل أو أي شحنة قد تصل. وفي هذا الوقت، تتابع عملياتها في قطاع غزة والضفة الغربية، من دون أي رادع، بهدف تنفيذ مخطط تهجير السكان الفلسطينيين، والقضاء نهائيا على القضية الفلسطينية.

ولكن الأمر الأخطر قد يكمن في عدم الاهتمام الأميركي بالملف السوري، بما يترك الساحة متاحة أمام المخططات الإسرائيلية، التي تهدف حاليا إلى إبقاء الوضع السوري ضعيفا وغير مستقر.