عون: نحن في لبنان نختلف سياسيا لكننا لسنا مختلفون على الوطن

عون: نحن في لبنان نختلف سياسيا لكننا لسنا مختلفون على الوطن

8 أيلول 2022

اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان “اللبنانيين يختلفون في السياسة لكنهم لا يختلفون على الوطن وعلى الجميع ان يدرك هذه الحقيقة”. واعتبر ان “لبنان يشكل بتكوينه صورة عن العالم”، ولفت الى ان هذا ما دعاه “للمطالبة في الأمم المتحدة بانشاء “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار”.

كلام الرئيس عون جاء في خلال الاحتفال الذي أقيم قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، منح خلاله النائب السابق نعمة الله ابي نصر وسام الاستحقاق الوطني اللبناني المذهب، تقديرا لعطاءاته الوطنية والفكرية والثقافية ولمسيرته الريادية في الحياة الوطنية اللبنانية.

وحضر الاحتفال الى المحتفى به وافراد عائلته، نائب رئيس حكومة تصريف الاعمال سعادة الشامي، الوزراء في حكومة تصريف الاعمال محمد وسام المرتضى وجوني القرم ووليد نصار، سفيرا الجزائر عبد الكريم ركايبي وقطر ابراهيم سهلاوي، النواب علي عسيران، ايوب حميد، ندى بستاني، سيزار ابو خليل، سليم عون، آغوب بقرادونيان ونعمة افرام، راعي ابرشية جونية للموارنة المطران انطوان نبيل العنداري، الى نائب رئيس البعثة الدبلوماسية المصرية الدكتور هاني خضر، وعدد كبير من الوزراء والنواب السابقين.

كما حضر المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا، رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم ورؤساء الرابطة السابقين، اضافة الى قضاة ونقباء المهن الحرة ورؤساء البلديات والمخاتير، الرئيس العام لـ”جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة” الاب مارون مبارك والمدبرين في الرهبانية المارونية اللبنانية الابوين جورج حبيقة وميشال ابو طقة وعدد من اساتذة الجامعات واعضاء الرابطة المارونية الحاليين والسابقين وكبار الموظفين.

شلالا: في بداية الاحتفال القى المستشار الرئاسي رئيس مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا كلمة، عدد فيها إنجازات النائب السابق ابي نصر، جاء فيها: “نلتقي اليوم، في رحاب قصر بعبدا، بدعوة من سيد القصر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لتكريم من جعل وطنه مقيما في عقله وقلبه وفكره. هو النائب نعمة الله ابي نصر، المحامي الدائم، الذي قرر فخامته تكريمه، باقتراح من معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى. وبتكريم الأستاذ ابي نصر يكرّم فخامته، رجالا عدة في قامة رجل:

هو الحامل ناصية القانون، قاطعة كالزمن منذ ستينيات القرن الماضي، الى ان انتخبه أبناء قضاء كسروان الفتوح نائبا عنهم منذ دورة العام 2000 لأربع دورات متتالية، رفع اسم كسروان جبيل محافظة قائمة بذاتها، ومركزها جونية، بنص تشريعي صادر في عهد فخامة الرئيس عون.

وهو المتفاني في العمل التشريعي، فكان لحضوره ضمن “تكتل التغيير والإصلاح”، برئاسة فخامة الرئيس، آنذاك، فعل المحرك في المسارعة الى تقديم اقتراحات قوانين، ابرزها اقتراح قانون استعادة الجنسية اللبنانية لمن هم من أصل لبناني، الى اقتراح قانون يرمي الى إعطاء المغتربين حق الانتخاب في أماكن وجودهم… فضلا عن مبادراته الى مساءلة الحكومات كلما استدعى الواجب. وهو الرافع الحق شعارا لبنانيا لصون منعة لبنان وهويته، كرس الانتماء اليه فعلا، فكانت مبادرة الطعن بمرسوم التجنيس الصادر العام 1994. وهو ما تعب من متابعة تنفيذ القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة القاضي بشطب من حصل على الجنسية اللبنانية من دون وجه حق.

وهو المناضل وزوجته الراحلة السيدة ليندا باسيل، في سبيل إرساء أسس التكافل خلال الازمة، لا سيما من خلال جمعية “لبنان الأخوة”، رأس الاتحاد المسيحي الديمقراطي اللبناني في سبيل تأكيد الحضور الماروني، من لبنان الى قبرص والعالم. وكان عضوا في الرابطة المارونية، فأمينها العام ومن ثم رئيسها.

وهو الفاعل في لجان الصداقة اللبنانية البرلمانية، الفراكوفونية، والكندية والأرجنتينية والهندية، ظل مرتبطا بإرث لبنان الحضاري، وما ارتضى الا بإقرار المجلس النيابي لإقتراحه الرامي الى إقرار “عيد للأبجدية”، ليؤكد على أهمية العطاءات اللبنانية للعالم.

أيها المحتفى به، سيرتك مع لبنان، مسيرة مكللة كقمم لبنان، بأسمى ما في البعد الإنساني: الوفاء. ووفاؤك هو قبل أي شيء، ريادة اخلاق. فما خاصمت ولا تخاصمت. ما بعدت ولا تباعدت. وما تعاليت ولا إعتليت. كنت سائرا نحو الأبعد. وقد تعلمت من جونيه التي أحببت أن التطلع الى الآفاق البعيدة لا يكفي لتبلغها ما لم تبق أنت أنت.

لأجل كل ما قدّمته، على إسم لبنان، وفي سبيل إسمه المتوج بأبجديته الهانئة بعيدها، قرر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، منحك وسام الاستحقاق الوطني المذهب، في هذا الاحتفال الذي شاءه أيضا تحية صداقة وعربون وفاء وامتنان وحافزا لعطاء بعد لسنوات وسنوات كثيرة”.

ثم قلد الرئيس عون النائب السابق ابي نصر وسام الاستحقاق الوطني اللبناني المذهب تقديراً لعطاءاته.

المرتضى: ثم القى المرتضى كلمة جاء فيها: “فخامة الرئيس. قدر البشرية افرادا وشعوبا ان تكون اعمار ناسها جبهات صراع مستمر من اول مطاف الحياة الى آخره. ومآل الحضارة الإنسانية ان تكون سجلا ناطقا بفصول ذاك الصراع عن قوم كتبوا تاريخهم بحبر الكرامة والعنفوان، فاذا هم ساكنون بيننا لا يغادرون مهما تناءت العصور، وآخرون آثروا الاستكانة والاستسلام فانتهى بهم الزمن الى محضر نسيان، كأنهم ما وجدوا ولا تعاقب عليهم ليل ونهار. وقدر اللبنانيين اكثر من سائر شعوب الأرض ان يكونوا دائما في واجهة النضال من اجل بناء الحياة الفضلى لهم وللعالم اجمع. هذا فعلوه يوم شقت البحر مراكب ارزهم حاملة الابجدية والارجوان وصنائع الحواضر الفينيقية الفاخرة الى اليوم الذي نسهر فيه فخامة الرئس على حماية هذا البحر عينه من غزاة الغاز. في الزمن القديم كانت الزنود التي تضرب الموج بالمجاذيف وسيلة الشاطئ اللبنانية لاحكام السيطرة الاقتصادية على شواطئ كثيرة.

وفي هذا الزمن ما زالت الزنود التي تلوح قبضاتها في وجوه الأعداء وسيلة لبنان الفعالة لاحكام سيادته على ثرواته الاقتصادية، حتى ان وجود الوطن مرتبط حتما بقضية الانتصار للحق والقيم في الصراع مع عدو لا يعرف لهما قدرا. وليس سلاح امضى واكسب للنصر من سيف ذي حدين: الوعي الوطني والوحدة الوطنية. وتعلمون يا فخامة الرئيس ان لا خلاص لنا الا عبر الاستمساك بهذين المبدأين ما يفرض علينا الجهاد لتحقيقهما كل من موقعه وكل بحسب مسؤولياته ونحن بدورنا في وزارة الثقافة جعلنا من ابرز مقاصدنا عملية بث الوعي الجامع للبنانيين، على اختلاف مناطقهم وانتماءاتهم حفظا لتراثنا الضارب في أعماق التاريخ وصيانة لمستقبلنا المطل على شرفة الابداع الحضاري. كذلك لم نحد قيد انملة عن دعوة المواطنين الى التضامن والوحدة والى التشبث بحقوقهم وحمايتهم.

فمما لا شك فيه ان الازمات المتنوعة التي نرزح تحت وطأتها هي نتيجة مباشرة لحصار يديره الكيان الصهيوني الذي يشكل وجوده النموذج النقيض للبنان المتعدد في وحدة… والواحد في تنوع. لكنها ليست سوى صورة جديدة من صور الصراع الدائم الذي خاضه وطننا على مر العصور وانتصر فيه وبقي لبنان وسنبقيه باذن الله لاجيالنا الطالعة.

واليوم بمناسبة تكريم النائب السابق المحامي نعمة الله ابي نصر بمنحه من جانب فخامتكم هذا الوسام الذي يستحق لا بد من التوقف عند مبدأي ” الوعي والوحدة الوطنية” المتجسدين في مسيرته وبخاصة في محطتين أساسيتين من عمله الطويل في الشأن العام.

المحطة الأولي هي اهتمامه الذي لم يتوقف بالانتشار اللبناني كقوة حضارية، اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية، ترفد الوطن بإمكانات الصمود الدائم وتقدم عنه في المغتربات الصورة البهية التي قد تبهت الوانها المقيمة في بعض الظروف. هذا المحطة تدل على عمق ايمانه بلبنان وبالوحدة والتضامن بين أبنائه المقيمين والمهاجرين.

اما المحطة الثانية التي تجسد ايمانه بفاعلية الوعي الوطني، فهي اهتمامه بالابجدية اثمن اختراع قدمته بلادنا للبشرية منذ تكون وعي التاريخ. ولكي لا يبقى ايمانه هذا في اطار الوجدان الخاص والعام، سعى الى تكريسه في قوانين اقر بعضها مجلس النواب بناء على اقتراحات قدمها هو.

اما الذي يميزه جدا، فهو شغفه الفائق بلبنان صيغة عيش فريدة ووطنا نهائيا لابنائه جميعا. ودأبه على اصطياد الأيام لابتكار الأعياد الوطنية، كي تترسخ في اذهان الأجيال الطالعة قيمة الانتماء الى ارضهم ودولتهم. فشكرا فخامة الرئيس على هذه الالتفاتة ومبارك الوسام معلقا على صدر مستحق وعشتم وعاش لبنان”.

ابي نصر: ثم رد المحتفى به بكلمة جاء فيها: “فخامةَ الرئيس. إنَّ الأبجديَّةَ هي أعظمُ منحةٍ أَنعمَتْ بها الحضارةُ الكنعانيَّةُ الفنينقيَّةُ اللبنانيَّةُ على البشريَّةِ جَمعاءَ، وهي الأهمُّ في مجموعةِ التقديمات اللبنانيَّةِ للإنسانيَّة. إنَّ إظهارَ عطاءاتِ لبنانَ الحضاريَّةِ، المبنيَّةِ على التواصلِ والتفاعلِ بينَ الشعوب، والإضاءةَ عليها أمامَ الرأي العامِّ المحليِّ والعالميِّ، وعلى دورِ لبنانَ كبلدِ رسالةٍ وأرضٍ للتلاقي والحوار، سيُزيد اللبناني المقيمَ فخراً والمغتربَ في غربتِه اعتزازاً.

إنَّ فكرةَ إحياءِ يومِ الابجدية وعيدِها، التي سَعَيْتُ لِنَقلِها من الحيِّز النظريِّ إلى الحيِّز العَمَلي، من خلال قانونٍ يُخلِّدُ هذا الإنجازَ الكبيرَ الذي حقَّقه أجدادُنا الاوائل، يُبقي الذِّكرى مُنطبِعةً في قلوبِ اللبنانيِّين وعقولهِم؛

حولَ ما يجمعُهم من قواسمَ تاريخيَّةٍ مشتركَةٍ غيرِ طائفيَّة، غيرِ مذهبيَّة، غيرِ عرقيَّة، وغيرِ مناطقيَّة، لتُعزِّزَ التلاقي والتلاحم، وتــُــــؤكِّدَ التواصلَ والحوارَ وتُرسِّخَ الانتماءَ والولاء بين اللبنانيين لأنَّه، من دونِ الانتماءِ والوَلاء لا أوطان.

فخامةَ الرئيس، إنَّ الوسام َالذي تكرَّمتم بمنحي إيَّاه، هو دلالةٌ على إيمانِكم بهذا الوطن العظيم، وعلى نِضالِكم الدائمِ في سبيلهِ، متحمِّلينَ المشَاقَّ، متلّقِّينَ كلَّ أنواعِ الانتقاد وهو دَلالةٌ على تقديركُم الكبير لكلِّ عملٍ يَرمي إلى الإضاءةِ على الصفحاتِ المجيدةِ من تاريخِ لبنان. فشكراً لكم على التفاتَتِكم الكريمة، وعلى اهتمامِكم ووفائِكم.

أطالَ الله في عمركم، وأمَدَّكُم بوافرِ الصحة، لتظلُّوا في الخندقِ الأوَّل للدفاعِ عن لبنانَ، الذي خَدمْتموه بإخلاصٍ في المؤسَّسةِ العسكريَّة مُناضلاً وطنياً، وفي المجلس النيابي نائباً على رأسِ كتلةٍ نيابيَّة كبيرة ووازنَة كان لها الدورُ البارزُ في الحياة التشريعيَّة، مُستلهِمَةً مصلحةَ لبنانَ العليا.

ورئيساً للجمهورية واجهتم وتواجهون كمًّا هائلاً من الصعاب، بحكمةٍ وثباتٍ ورباطةِ جأشٍ، على الرَّغم من كلِّ الكوارث التي حلَّت بلبنانَ طبيعيّة كانت أم مفتعلة.

وأنا على يقين أنَّه بعد انقضاءِ عَهدِكم، ستعودون إلى مُعتَرَكِ الجهاد، كما في زمن ِالبدايات وربَّما أكثر.

والشكرُ مَوصولٌ إلى وزيرِ الثقافة القاضي الدكتور محمد وسام المرتضى الذي اقترحَ مَنحي الوسامَ، للدور الذي اضطلعت به في إطلاقِ يوم الابجديَّةِ وعيدِها.

إنَّ هذه البادرةَ النبيلةَ من وزيرٍ مثقَّفٍ، يعتزُّ بلبنانيَّته، لا تعرفُ الطائفيَّةُ إلى قلبه سبيلاً، وهو دائمُ الفخرِ بتاريخ وطنه وتراثه، واضحٌ وجريء، تركَتْ في نفسي أكبرَ الأثرَ. فشكراً معالي الوزير، ولكَ مني أسمى مشاعرِ التقدير.

والشكر لوزير الاتصالات جوني القرم الذي أصدرَ طابعاً بريدياً تزينه أحرف الأبجديَّة الفينيقيَّة حاملاً رسالة سلام ومحبة من الشعب اللبناني إلى شعوب الأرض قاطبةً.

فخامةَ الرئيس، أجدادُنا، مسيحيّينَ ومسلمينَ، عندما طالبوا بِضَّمِ الأقضيةِ الأربعةِ إلى لبنانَ سنة 1920؛ راهنوا أمامَ جميعِ اللبنانيِّينَ والعالمِ على أنَّه يُمكنُ للحضارتَين، الإسلاميَّة والمسيحيَّة، للديانتَين أن تؤسِّسا معاً لدولةٍ واحدة موحَّدة، أرضاً وشعباً ومؤسسات: ديمقراطيَّةٌ حرَّةٌ، ذاتُ سيادةٍ وعيشٍ مشتَرَك، دولةٌ تكون قُدوةً للعالَم ومِثالاً يُحتذى به في العيش المشتَرَكِ وليس مَرتعاً لصراعِ الحضاراتِ والمذاهبِ والأديان.

اليومَ، بعدَ تجربةٍ دامَتْ مئةَ عامٍ وعام، يُطرحُ السؤالُ هل سقطَ الرِّهان؟ رِهانُ الدولةِ الواحدة؟ رِهانُ العيش المشتَرَك؟! حَذَارِ من سقوطِ الرِّهانِ لأنَّ تداعياتِ سقوطِه ستكونُ وخيمةَ على اللبنانيِّين والعالم كلِّه. شكراً فخامةَ الرئيس عِشتُم وعاشَ لبنان”.

عون: واختتم الاحتفال بكلمة للرئيس عون جاء فيها: “اجتمعنا اليوم للاحتفال بتكريم النائب السابق نعمة الله ابي نصرالمعروف بحب لبنان وحضارته، وجميعنا لبنانيون ومتعددون دينيا، لكننا موحدون بمحبة الوطن. ان لبنان يشكل بتكوينه صورة عن العالم اجمع مما دعاني يوما لاطالب في الأمم المتحدة بـانشاء “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار”. وقد صوتت عليها 165 دولة في ظل معارضة الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي.

ان هذه الاكاديمية هي للقاء والحوار، ونحن في لبنان نختلف سياسيا لكننا لسنا مختلفون على الوطن، وعلى الجميع ان يدرك هذه الحقيقة . جميعنا حريصون على حياتنا الوطنية مهما اختلفنا في السياسة. ففي السياسة الجميع مختلف حتى في الخارج ذلك ان الدول التي تتبع النظام الديموقراطي تشهد خلافات سياسية من حين الى آخر، الا ان ابناءها يعودون ويجتمعون على الوطن. لذلك نحن المجتمعون اليوم نشكل نموذجا من الشعب اللبناني الذي لا يختلف على الوطن ولكن يمكن ان يكون مختلفا بالسياسة”.