خاص- غيابُ الموازنة يزيدُ الطين بلّة!

خاص- غيابُ الموازنة يزيدُ الطين بلّة!

الكاتب: أسعد نمّور | المصدر: Beirut24
6 شباط 2023

في زمن استشراس الأزمات على لبنان، وفي وقتٍ باتت أنيابُ الأزمة الاقتصاديّة تنهش كاهله، الموازنة غائبة ونوابُ الأمّةِ يتناوشون بصراعاتٍ سياسيّةٍ تزيدُ الحالة فقرًا وازدراء، غير متيقّظين الى المساوئ التي يولّدها غياب عنصرٍ اقتصاديٍ ملحٍّ يستطيع ولو للحظة كبح ارتطام القطار الذي ركبناه.

في السياق، أكّد الباحث الزميل في المعهد اللبناني لدراسات السوق كرابيد فكراجيان، عبر Beirut24، أنّ “غياب الموازنة في الطريقة الدستوريّة يعدّ تعدٍّ من الحكومة على حقوق الناس الدستورية بعدم دفع ضريبة بدون أن تكون صادرة بالطرق الدستورية”، مشيرًا الى أنّ “عدم وجود موازنة يعني أنّ الحكومة تصرف أموال الناس وتجبي منهم الضرائب دون أي مسوّغٍ دستوري”.

ولفت الى أنّ “تأثير غياب الموازنة يكمن في أنّ الدولة تحتسب ميزانيتها على أساس توقّعاتها لسنة كاملة بما ستجنيه من مداخيل وتدفعه من مصاريف، وهذا ما لم يحصل هذه السنة، وبهذه الطريقة تكون الدولة تصرف على أساس السنة السابقة، والموازنة السابقة لم تكن بالأساس موفّقة لا من ناحية الحسابات ولا من ناحية المداخيل ولا حتى المصاريف المتوقّعة، مما سينعكس عجزًا، وتبعياته ستكون طباعة اضافيّة لليرة مما يعني تضخّمٌ اضافي بالكتلة النقديّة التي تزيد العبء على المواطن”.

وتابع فكرجيان، أنّ “الاخطر هو أنّ النفقات الضروريّة التي تؤثّر على حياة المواطن او الخدمات التي تحتكرها الحكومة أغلبها متوقّفة وأبرزها الطرقات، وهنا عوضًا عن الذهاب نحو عقود الـBOT والـBOO حيث تقوم الشركات الخاصّة بصيانة الطرقات وتتقاضى أموالًا من مستهلكيها، تمثّل حلّ الحكومة بتأجيل أي صيانة، وهذا ما ينعكس على الملفّات الأخرى المتعلّقة بالخدمات العامّة التي من المفترض أن تكون محرّرة، ولكن الحكومة التي لا تستطيع تكبّد مصاريف الخدمات مصرّة على عدم خصخصتها”.

وأشار الى أنّ “من أهمّ الأمور التي يجب تصحيحها بالموازنة هي تخفيض النفقات بشكلٍ حاد، وفي الوقت عينه تحويل النفقات الاستثمارية من عبء على الحكومة لمجالٍ استثماري للقطاع الخاص عبر تحرير القطاع، وبهذا الشكل تستطيع الحكومة جباية ضرائب عن القطاع عوضًا من الانفاق عليه”.

وأردف فكرجيان أنّ “الاصلاح الأهمّ الذي من الضروري القيام به، هو توحيد الضرائب بشكل يوسّع “الصحن الضريبي” وفي نفس الوقت تخفيض تلك الضرائب”، سائلًا “في بلد منهار مثل لبنان كيف سيستثمر المتموّلون والضرائب على الشركات تخطّت الـ17%؟ بينما في دبي لا يدفع ولا أي فلس على اوّل 100 الف دولار ربح وبعدها تصل الضريبة الى الـ10% كحدٍ أقصى”.

وأوضح أنّ “الصرف على قاعدة الإثني عشريّة وضعَ للحالات الاستثنائيّة، وجيز للحكومة أن تصرف على أساس موازنة السنة التي تسبق سنة الموازنة وتقسم على 12 وتستطيع أن تصرف على شهرٍ واحد، ويحقّ للحكومة أنّ تتبع القاعدة الاثني عشريّة في الحالات الطارئة وفقط في الشهر الأوّل من السنة، ولكنّ المشكلة في لبنان هي أنّنا نصرف لسنواتٍ على أساس تلك القاعدة، وهذا يؤدّي الى تلخبط في المصاريف دون حسيبٍ ولا رقيب”.

وختم فكراجيان بأنّ “الاخطر من كلّ ما سبق هو أنّ الموازنات تصبح سارية بدون قطع حساب، ومن المفترض أنّ يتمّ في نهاية كلّ سنة وعلى أساسه تحاسب السلطة التشريعية (مجلس النواب) السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) على تنفيذ موازنة العام المنصرم”.