خاص- الى القادة المسيحيين: لا تبكوا كالنساء على ملك لم تحافظوا عليه كالرجال

خاص- الى القادة المسيحيين: لا تبكوا كالنساء على ملك لم تحافظوا عليه كالرجال

الكاتب: جورج العليّة | المصدر: Beirut24
28 شباط 2023

في خضمّ الأزمات المعيشية، الصحية، التربوية والمالية التي يئن تحت وطأتها المواطن اللبناني برز السجال العقيم الذي دار على خلفية كلام الرئيس ميقاتي عن أعداد المسيحيين في لبنان ليضيء على هشاشة الصيغة اللبنانية والشعارات التي تناثرت على هامشها مثل “المناصفة، واوقفنا العدّ” وما إلى ذلك الكثير الكثير.
بعيدًا عن نوايا الرئيس ميقاتي وسياق كلامه ومدى مصداقية الدراسة التي ذكرت أن نسبة المسيحيين في لبنان انحدرت الى ١٩ بالمئة، فإن ردّات الفعل المسيحية سواء كانت روحية أو زمنية عالجت الشكل وابتعدت كثيرا عن المضمون. فالمشكلة ليست بما قاله ميقاتي إنما بما فعله القادة المسيحيون الروحيون والمدنيون من أجل وقف هجرة المسيحيين من لبنان ومن يتحمل مسؤولية ما وصلوا إليه .
بالطبع حلّ المشكلة لا يكون بدفن الرؤوس بالرمال ولا بالهروب الى الأمام ولا بتحميل المسؤولية للشريك الآخر في الوطن حتى ولو أنه يتحمل جزءًا منها ولا بالشعارات والأشعار والضحك على الدقون كمثل دور المسيحيين الطليعي والكلام المبتذل عن النوعية والكمية ولبنان طائر الفينيق الذي لا يطير إلا بجناحيه وغيرها وغيرها.
فلنضع كمسيحيين كل هذا الكلام الخشبي جانبًا ولنذهب على وجه السرعة متحدين لمواجهة أسباب الهجرة، المعضلة المتجذرة منذ سنوات وقد هددت لا بل قضت على الدور المسيحي وفعالية وجوده في بلاد الأرز.
فلنعترف بأخطائنا وخطايانا ولنذهب اليوم قبل الغد لمقاربة هذا الموضوع بواقعية.
نعم المسيحيون يُهجّرون ويهاجرون وأنتم يا أيها المسؤولون المسيحيون الكنسيّون والزمنيّون. أنتم وحدكم مسؤولون عن هذه الهجرة القاتلة. من خلال حروب الإخوة التي دكّت مضاجعهم وصراع المصالح والمكاسب والمواقع، من دون أن ننسى تحويل أغلبية المدارس والجامعات والمستشفيات ومؤسسات الرعاية إلى شركات تجارية لا تبغى سوى الربح على حساب الفقراء. نعم أنتم وحدكم تتحملون المسؤولية، فإذا كان منزلكم من إزاز لا تلوموا من يرميه بحجر.
حصّنوا الوجود المسيحي من خلال بديهيات أنتم قادرون على تأمينها من تعليم، استشفاء، سكن وعمل.
اعملوا على إنشاء مؤسسات تساعد هذه القطاعات بالفعل لا بالقول امنعوا المسيحيين من بيع أراضيهم لغير المسيحيين واستعيدوا ما أمكَن منها .
فلتضع الكنيسة استراتيجية موحّدة تقودها وتشارك فيها الأحزاب والقوى والشخصيات المسيحية على اختلاف تنوعها السياسي تكون بعيدة عن الصراعات  تعالج المشاكل  من أكبرها إلى أصغرها. فالإمكانيات متوفرة بالتأكيد ولكن ماذا عن الإرادة التي من المؤكد أنكم حتى الآن لا تمتلكونها.
أخيرًا
إن لم تصوّبوا البوصلة ولو متأخرين فاصمتوا ولا تبكوا كالنساء على مُلك لم تحافظوا عليه كالرجال والسلام.