خاص- الاستحقاق الرئاسي: المجيء الثاني المنتظر

خاص- الاستحقاق الرئاسي: المجيء الثاني المنتظر

الكاتب: نور الحاج | المصدر: Beirut24
12 آذار 2023

تشهد الساحة السياسية اللبنانية، ولا عجب في ذلك، مناكفات وصراعات جمة حول المرشح لرئاسة الجمهورية. فالقوات اللبنانية وسائرها من القوى المصنفة بالتغييرية أو المعارضة تتمسك بترشيح النائب ميشال معوض فيما أن الثنائي الشيعي كشف عن نواياه في ترشيح من يبدو انه مطروحًا عند كل استحقاقٍ رئاسي كمرشح توافقي: النائب سليمان فرنجية. وفي وسط هذه الفوضى المنظمة بالنسبة الى البعض والطبيعية من وجهة نظر البعض الآخر، تزداد حظوظ ذلك وتنكفئ فرص الآخر فيما أن الأكيد أن الأوضاع المعيشية تسير نحو الوراء.

فتغريدات كافة المسؤولين لا سيما تصاريحهم في مختلف المقابلات الصحافية تنص على مطلبٍ أساسي يصورونه أنه إما الحل الأول أو بداية مسيرة المعالجة: انتخاب رئيس للجمهورية. فالطبقة الحاكمة التي تصل في كل مرة الى الفراغ من جراء مصالحها المتضاربة وتسقط البلاد في أزمات اقتصادية ومعيشية عارمة، تتكلم في العلن عن مخاطر الفراغ وتشيد باتصالاتها ومحاولاتها الدبلوماسية للوصول الى الحل أو محاربة فرض مرشح لا يناسب البلاد. انما، ما الذي يدور وراء الستارة؟ من الذي يصنع القرار وبأي ثمن؟ ومن يدفع الثمن في النهاية؟

وكما تتضارب أسماء المرشحين، تتضارب مواصفات الرئيس المنتظر حسب المصالح والتبعيات. فما بين الرئيس السيادي والرئيس التوافقي، يبدو أن شرخًا بارزًا يضرب المجلس النيابي الذي اعتاد على هذه الحال ليس عند الاستحقاق الرئاسي فحسب، بل عند اتخاذ أي قرار. والموصفات تلبي أولًا مصالح القادة وأخيرًا تطلعاتهم الوطنية حيال مستقبل لبنان الاقتصادي والسياسي. وعلى الرغم من تفاوت الرؤية السياسية والمناكفات، وفي حال تم “الاتفاق” على رئيس، وحصلت تلك اللحظة التاريخية التي يبدو أن المجتمع المحلي والدولي ينتظرانها بفارغ الصبر، فما فائدة وصوله؟ وهل ما يشكله وصول الرئيس من بداية حل للأزمة يكفي؟

الواقع أن الازمة اللبنانية ليست وليدة الفراغ السياسي انما تعود الى تركيبة سياسية من مسؤولين وقوانين ومؤسسات وممارسات مأزومة لا مهرب من أن تؤول الى أزمة داهمة. فالفساد الإداري الذي يأكل هيكليات وآليات عمل الإدارات العامة اللبنانية ويعطل سير المعاملات الرسمية يعمق الازمة اللبنانية ولا يشير الى بوادر خير، حتى لو انتخب الرئيس. كما ان التركيبة الطائفية لمجالس السلطات الثلاثة: التشريعية والتنفيذية والقضائية المعتبرة انها تحقق “المناصفة” سوف تظل تشكل عقبة امام اتخاذ القرارات وبناء الدولة السيدة المرتكزة على الشعور والانتماء الوطني. والبنى الاقتصادية الهشة من مؤسسات وقطاعات واستثمارات التي يزيد وضعها سوءًا مع أزمة سعر صرف الدولار تؤكد ان سنوات طويلة جدًا يحتاجها لبنان لبداية تحسن الأوضاع. وكما الأوضاع الاقتصادية فالأزمات المعيشية لا تقل شأنًا أو تأثيرًا على الشعب اللبناني في ظل استفحال البطالة وانتشار الفقر وظواهر الانتحار فيما أن الحلول يبدو أنها غائبة ومغيّبة.

والأمثلة تطول وباتت منطبعة في يوميات اللبناني الذي ينتظر “يوم الفرج” بأي ثمن، معتبرًا أن الحل لن يكبده خسائر أكبر من تلك التي يتحملها من غلاء غير منطقي واحتجاز لودائعه وسباق محموم وراء الدواء وبعض المواد الغذائية الأقل سعرًا. فهل مجيء الرئيس لا يزال يشكل المطلب الأهم؟ وما قيمة مجيئه في دولةٍ غير مؤهلة لتصبح وطنًا؟