“صراع الساعة”: مفاوضات سياسية لـ”ركلجة” التوقيت

“صراع الساعة”: مفاوضات سياسية لـ”ركلجة” التوقيت

الكاتب: مجد بو مجاهد | المصدر: النهار
27 آذار 2023

يستمرّ “الزمن اللبناني” داخل دوّامة صراعات سياسية لا تخفت وتيرتها رغم انتظار اللبنانيين “ساعة الانفراج” على المستويات كافة. وقد دخلت مسألة “التوقيت” بذاتها إلى الدوّامة التصارعية، وتحوّلت الاشكالية من السؤال عن ساعة نهاية الأزمة إلى السؤال “كم الساعة؟” كأزمة بذاتها مع التباينات الواضحة في وجهات النظر حول قرار تأجيل التوقيت الصيفي. وتنطلق قوى سياسية عدّة في مقاربتها المعارضة تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، من الإشارة إلى رفض بأبعاد لوجستية وتقنية. وتبرز هنا مقاربة “القوات اللبنانية” التي تؤكد عدم ارتباط موقفها بأيّ اعتبار طائفي. وتظهَّر حراك في الساعات الماضية على نطاق الحزب التقدمي الاشتراكي من خلال مفاوضات أجراها لمحاولة حثّ المعنيين على التراجع عن قرار إرجاء التوقيت الصيفي و”ركلجة” توقيت واحد، للحؤول من دون التخبّط في المواعيد على صعيد القطاعات وبين المواطنين. وكذلك، هناك تركيز من أحزاب متعدّدة على المعطى اللوجستي وضرورة معالجة الانقسام.

بحسب الاضاءات التي يلفت إليها رئيس دائرة إعلام الأجهزة والانتشار في “القوات اللبنانية” الدكتور ميشال الشماعي، فإن “الموقف “القواتيّ” لا ينطلق من أبعاد طائفية مسيحية أو اسلامية بل التزاماً بالتوقيت العالمي، في اعتبار أن قرار تأجيل تقديم الساعة يعزل لبنان دولياً ويعرقل النظام اللبناني جوّاً وبحراً”. ويقول الشماعي لـ”النهار” إن “شركات الطيران وتحويل الأموال وشركات “السويفت” كلّها تتأثّر في قرار تأخير التوقيت الصيفي، الذي لا يُعتَبر بمثابة فكرة علميّة بل خطوة عشوائية هناك شكوك حول غايتها الحقيقية وما إذا كان المبتغى تمرير ما هو أضخم في ظلّها”. وفي تأكيد الشماعي أيضاً، “ليس في الامكان اتخاذ قرارات عبثيّة تؤدي إلى عزل لبنان ومحاولة فرضها من دون بحثها المسبق مع جميع المكونات كمسألة لها تداعياتها وأخطارها. ولا ينقص الشارع اللبناني انقسامات إضافية بل هناك حاجة إلى وحدة الطوائف بعيداً من الاستئثار أو محاولات فرض واقع جديد”.

ويقرأ الشماعي أن “تأخير التوقيت الصيفي من دون تشاور مسبق، تحدٍّ للمكونات الحاضرة خارج نطاق السلطة، وهو قرار لم يمرّ بدلالة أنّ قيادات وطنية تشبّثت بالمقاربة العلمية. ويمكن تشبيه التلاعب بالتوقيت الصيفي بالقرار الذي اتّخذ لجهة عدم سداد سندات “اليوروبوندز”، ما يعمّق ابتعاد لبنان عن النظام العالمي، على طريقة “مرتا مرتا تهتمّين بأمور كثيرة والمطلوب واحد” أي التفرّغ إلى الورشة الاصلاحية بدلاً من التلهي في قرارات عشوائية لا معنى لها”. ويستغرب الشماعي “اتهام الأحزاب اليمينية والمسيحية بتأييد فكرة التقسيم أو التغيير في التركيبة اللبنانية، في وقت هناك من يطبّق الخطوة عبر إخراج البلاد من التوقيت الصيفي والتسبّب بانقسام مجتمعيّ”.

في غضون ذلك، عُلم أن الحزب التقدمي الاشتراكي يحاول الاضطلاع بمبادرة هدفها الخروج من حال الاحتقان والعودة الى اتباع التوقيت الصيفي رسمياً منذ الآن ما يُجنّب البلاد التضعضع في المواعيد والأعمال. وقد أجرى عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي أبو الحسن مشاورات في هذا الصدد، في محاولة لاقناع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالعودة عن قرار تأخير التوقيت الصيفي. ووفق ما يؤكّده أبو الحسن، فإن “مسعى التقدمي ينطلق من تحمّل للمسؤولية تجاه الناس بعد تراكم أزمات لا تحصى، ليأتي قرار تأخير التوقيت الصيفي ويُدخل البلاد في إطار طائفي. ونستمرّ في محاولة البحث عن مخارج، مع الاشارة إلى الهمّ الأساسي الذي يتمثل في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة والتعاون مع صندوق النقد الدولي في التوصيات التي يطلبها والبحث عن تأمين حاجات المواطنين الأساسية بدلاً من الدخول في نقاشات حول التوقيت الصيفي والتسبّب بانقسامات غريبة”.

ويكشف أبو الحسن لـ”النهار” أن “المداولات التي قمت بها للعودة عن قرار تأجيل التوقيت الصيفي لم تصل إلى نتيجة حتى اللحظة، في ظلّ مواقف متصلّبة من الجهات المعنية خصوصاً بعد تصريح النائب جبران باسيل. ويعتبر القيّمون على القرار أنّ القرار سليم ولا حاجة للمواقف الحادّة. لكن لا بدّ بالنسبة للحزب التقدمي من ايجاد مخارج للأزمة وليس في الامكان الاستمرار في حال الارباك الحاصل للمواطنين”. واستناداً إلى الحلّ المطروح المعبّر عنه من النائب أبو الحسن، فإنه “هناك أفكار في الامكان اعتمادها كالدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء والتصويت الوزاري على القرار، فإما يحصل إقراره وإما يُبطل. ولا بأس في الاستماع إلى رأي الهيئات الاقتصادية حول الموضوع أيضاً. ولن تنحصر محاولات الحزب التقدمي في المشاورات التي قام بها في الساعات الماضية، بل إن مبادرته مستمرّة بهدف الوصول إلى نتائج تساهم في العودة عن قرار تأجيل التوقيت الصيفي”.

في سياق آخر، كانت انطلقت مقاربة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس من التعبير عن “قرار إداري بحت الهدف منه إراحة فئة من المواطنين من دون التسبّب بأيّ ضرر للفئات الأخرى، وليس صحيحاً ما يتم التهويل به على الناس عن مخاطر وأضرار، بدليل أنّ شركات الاتصالات الخلوية اتّخذت الإجراءات المناسبة لتعديل التوقيت وفق القرار، كما أنّ شركات الطيران، وفي مقدّمها “طيران الشرق الأوسط” عدّلت جداول رحلاتها”. وأبدى ميقاتي “أسفه للمنحى الطائفي الذي اتّخذته مسألة تأخير التوقيت والذي لا علاقة له بالموضوع فيما الحملة التي شُنّت مستغربة بكلّ المستويات، وكان الأحرى أن توحّد الجهود لانتخاب رئيس الجمهورية، وتفعيل اجتماعات الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية، والاهتمام بمناقشة كيفية الخروج من المخاطر التي عبّر عنها صندوق النقد في ختام زيارته للبنان”.