حرب نتنياهو على إيران … المفاجآت والمعارك المقبلة

حرب نتنياهو على إيران … المفاجآت والمعارك المقبلة

الكاتب: ايليا ج. مغناير | المصدر: الراي الكويتية
15 حزيران 2025
– إيران ليست «حزب الله»… القيادة استوعبت الضربة وبدأت بالمواجهة
– الضربات استهدفت الهياكل السطحية في ناتانز بينما بقيت المنشآت تحت الأرض «محمية»
– هل يُحقّق نتنياهو أهدافه أم ستنجح إيران في قلب الطاولة لمصلحتها؟

الحملة الجوية المفاجئة والضخمة ضد إيران، التي تهدف إلى تحييد برنامجها النووي والبالستي وتدمير قدراتها الصاروخية، ليست عملية محدودة، بل قرعت جرس الحرب الشاملة التي أعلنتها إسرائيل، ويشمل هدفها الإستراتيجي التسبب في تغيير النظام، وليس مجرد كبح طموحات طهران النووية، كما قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حين توجه بخطاب موجه للشعب الإيراني ليثور على حكامه.

في خدعة متقنة نسّقتها مع الولايات المتحدة، شنّت إسرائيل هجومها بعد وقت قصير من إعلان الرئيس دونالد ترامب، علناً عن تفاؤله بإمكان التوصل إلى اتفاق نووي، في خطوة تهدف إلى «خداع» إيران وجعلها تنام بطمأنينة، ليعود في اليوم التالي ويصرح بأنه كان على علم بالتفاصيل وبأنه ينصح طهران بالتوقيع على الاتفاق النووي قبل فقدان كل شيء.

وبالفعل، بعد ساعات عدة، في الثالثة صباحاً من فجر الجمعة، بتوقيت إيران، شنت إسرائيل ضربات جوية على مئات الأهداف عبر البلاد، مازالت متواصلة.

ضربة الافتتاح

أدهشت إسرائيل، إيران، وتمكنت من استهداف الهياكل السطحية لموقع تخصيب اليورانيوم في ناتانز، بينما بقيت المنشآت تحت الأرض محمية.

كما قُتل علماء ذرة ونحو 20 قائداً عسكرياً رفيع المستوى، ضمن ضربات دقيقة، من بينهم قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، ما تسبب بحال طوارئ كبيرة وإرباك موقت ضرب قيادة القوات المسلحة.

كما استهدفت الضربة بنية القيادة والتحكم، بما في ذلك غرفة العمليات المسماة «خاتم الأنبياء»، مشجعة بذلك على تدمير بنية مماثلة للقيادة التابعة لـ«حزب الله» قبل أشهر عدة، والتي على إثرها قُتل أمينه العام السيد حسن نصرالله.

وفي الوقت نفسه، قام عملاء جهاز «الموساد» داخل إيران بتخريب منظومات دفاع جوي أساسية، ما سمح للطائرات الإسرائيلية بتحقيق حرية أكبر وتقليل مخاطر المواجهة، لتصبح الأجواء الإيرانية شبه مفتوحة للطائرات الإسرائيلية.

إيران تُردد الرد… حتى الآن

في الساعات الحرجة التالية للضربات، اختارت إيران عدم الرد الفوري، وعكفت قيادة الحرس الثوري الجديدة على تُنظيّم صفوفها. فالدستور الإيراني يُعطي ولي الفقيه السيد علي خامنئي، وفقاً للمادة 110، حق الموافقة على إعلان الحرب والسلام وتعيين القادة.

وقد تم تعيين العميد محمد باكبور (2009 – 2025)، القائد السابق للقوات البرية للحرس الثوري، رئيساً جديداً للحرس، غير أنه احتاج إلى الوقت للاستيعاب الكامل لمسؤولياته الواسعة قبل إصدار أوامر الرد والتنسيق مع الوحدات الأخرى.

أما العميد سيد عبدالرحيم موسوي، قائد الجيش (أرتش)، فتم تعيينه رئيساً للأركان العامة خلفاً لمحمد باقري الذي اغتالته إسرائيل.

وعمل المسؤولون على تقويم ما تبقى من الأسلحة البالستية وقدراتهم الحربية بعد مئات الضربات الإسرائيلية. ورغم شدة الضربة، فإن البرنامج النووي لم يُدمر.

فلم تسجل الوكالة الدولية للطاقة الذرية أي انبعاث مشع جديد نتيجة لمسميات الأضرار السطحية في ناتانز أو فوردو، ما يدل على أن المنشآت مازالت قادرة على العمل. ومنشأة فوردو، المستودعة العميقة لأجهزة الطرد المركزي قرب قم، لم تمسّ، فهي تحت الأرض ومحمية، وهذا ما يُعد نقطة محورية لعدم القدرة على القضاء الكامل على البرنامج النووي، ما يعني أن هدف نتنياهو قد تبدل… فالحرب لم تعد على أجهزة الطرد، بل قلب النظام نفسه.

استهداف مواقع بالستية في تبريز

كما نُفذت ضربات على مواقع إنتاج الصواريخ البالستية في تبريز، خصوصاً الصواريخ ذات الوقود الصلب التي تُعرف بسرعتها وسهولة استخدامها، ولهذا السبب تعتبرها إسرائيل أهدافاً ذات أولوية لأن تدميرها يؤدي إلى تراجع القدرة الردعية لإيران.

أدركت طهران أنه ينبغي عليها الردّ بسرعة، أو سيُفقد النظام مصداقيته داخلياً وإقليمياً. وبدأت بضرب تل أبيب وقواعد عسكرية في وسط إسرائيل، ما تسبب بقتل وجرح عدد كبير من السكان.

وقد وصفت القيادة الداخلية، الدمار، بأن إسرائيل لم تشهده قط من قبل. وللمرة الأولى لا تستطيع تل أبيب نقل المعركة إلى أرض الآخرين فقط، ويبدو أن نجاحها بتحقيق أهدافها لم يتم بهذه السرعة لتصبح الحرب عض اصابع ومن يصرخ أولاً.

من هنا، فإن المخاطر كبيرة. فإذا كانت الردود الإيرانية غير كافية ومستمرة بايلام إسرائيل، فقد تطور تل أبيب هجومها إلى أبعد من ذلك لتفرض نظاماً جديداً على طهران، عند أول إشارة ضعف إيرانية.

حرب الاستنزاف

في المحصلة، لا تدور الحرب فقط حول المنشآت النووية. فالموضوع الأساسي هو من يمتلك النفس الطويل. لقد نفذت إسرائيل عملية تكتيكية استثنائية وناجحة. فالضربات على قادة الحرس الثوري كانت مؤثرة.

لكن إيران ليست «حزب الله»، فقد استعادت القيادة العسكرية «القيادة والسيطرة» وبدأت بالمواجهة.

والسؤال الآن: هل تستطيع طهران تنظيم رد مدروس يومي ومؤلم يكون ردعاً حقيقياً لإسرائيل؟

في الأيام المقبلة، سيتضح إذا كان نتنياهو سيتمكن من تحقيق أهدافه أو إذا كانت إيران ستنجح في قلب الطاولة لمصلحتها؟