انكفاء السنة في الإستحقاق الحكومي بعد النيابي… حتى ميقاتي متردد!

انكفاء السنة في الإستحقاق الحكومي بعد النيابي… حتى ميقاتي متردد!

المصدر: المركزية
8 حزيران 2022

كأن استحقاق تشكيل حكومة جديدة المفترض أن يبدأ باستشارات نيابية ملزمة يدعو إليها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس حكومة وتكليفه تشكيل الفريق الوزاري، بات خارج الأعراف والدستور. فبورصة أسماء الشخصيات السنية لتولي رئاسة الحكومة غائبة، والمتداول به حصرا تحت شعار “الأكثر حظوظا” ومن دون منافس هو رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. فهل تنسحب موجة انكفاء السنة التي تجسدت في ترشيحات انتخابات 2022 النيابية على الحكومة العتيدة بدءا من تسمية رئيس حكومة وصولًا إلى تعيين الوزراء؟

“مما لا شك فيه أن الواقع اللبناني المأزوم وانكفاء علاقة لبنان مع الأشقاء العرب وإمساك تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر بمفاصل الدولة انعكس على الواقع الإسلامي لأهل السنة والجماعة. ومنذ تعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي، يعيش السنة في لبنان حالة رفض للواقع السياسي اللبناني، ومن هنا كان انكفاء القيادات الإسلامية السنيّة في الصف الأول عن الإنتخابات، وكذلك انكفاء الطامحين لرئاسة مجلس الوزراء لقناعتهم بأن من يمسك بمفاصل الدولة لن يسمح بقيام الدولة الوطنية القوية والعادلة وهو جزء من محور إقليمي لا يرى مصلحة له في عودة لبنان ليلعب دوره العربي والحضاري”.

بهذه الخلاصة يبدأ رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط كلامه لـ”المركزية” في قراءة لظاهرة انكفاء أسماء الشخصيات السنية لتولي رئاسة الحكومة العتيدة، ويشير إلى أن “الرئيس نجيب ميقاتي متردد بدوره للقبول بهذه المهمة بسبب الشروط التي يعلنها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المخالفة للقانون والدستور والأعراف، وهي في نفس الوقت شروط حزب الله وإيران للسير بتشكيل الحكومة التي يمكن أن تدير الأزمة حتى نهاية عهد ميشال عون وربما إلى ما بعده”.

ليست عملية خطف لبنان من قبل حزب الله ليكون ورقة سياسية ومكان تفاوض بين إيران وخصومها الإقليميين والدوليين بجديدة فكيف يمكن تفسير انكفاء الشخصيات السنية عن استحقاق تشكيل حكومة جديدة؟ “صحيح أن لبنان كان مخطوفا من المشروع الإيراني ولا يزال، لكن كان هناك أمل بإنقاذه وإخراجه من مستنقع الصراعات الإقليمية .وهذا الأمل تلاشى بعد تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي، وتكونت قناعات لدى الكثيرين بأن عملية إنقاذ لبنان في ظل عهد مزاجي لا يولي مصالح اللبنانيين أو الدستور أو القوانين معيارا هي شبه مستحيلة”. ويضيف الشيخ عريمط “رئيس الجمهورية وفريقه يفسرون الدستور بما يتناسب مع رغباته ومصالح حلفائه فيرفض تشكيل الحكومة أشهراً عديدة ويمتنع عن بدء الإستشارات النيابية الملزمة حتى يفرض الرئيس الظل جبران باسيل شروطه من حيث الوزارات وأسماء الوزراء وحتى البيان الوزاري. كل هذا يؤكد أن القضية ما عادت قضية وطن إنما كيف ينقذ الرئيس ميشال عون باسيل من العقوبات الدولية وإيصاله لأن يكون رئيسا مباشراً بعد انتهاء العهد هذا إن غادر الرئيس القصر الجمهوري في الوقت المحدد”.

ما يحصل من مباحثات وتسويات بين رئيس الجمهورية وبعض السياسيين للبدء بالإستشارات النيابية الملزمة يصفها الشيخ عريمط “بالمخالفة للدستور ومصلحة لبنان ولكل الأعراف والقيم التي قامت عليها الجمهورية اللبنانية منذ نشأتها”ويوضح: “الإستشارات هي من حق النواب، ورئيس الجمهورية ملزم بالنتائج التي يقررها مجلس النواب والأخير هو من يقرر إسم رئيس الحكومة الذي سيشكل الفريق الوزاري. وعلى رئيس الجمهورية أن يلتزم بما يقرره رئيس الوزراء من خلال التشاور والتنسيق وليس لأن الرئيس والصهر من يختارون رئيس الوزراء قبل الإستشارات النيابية الملزمة”.

وعبر “المركزية” يسأل الشيخ عريمط: “أين دور مجلس النواب وأين مكان رئيس مجلس الوزراء، وأين هو الدستور؟ ما يقوم به الرئيس عون يضرب صيغة لبنان والدستور وكل مقومات الدولة اللبنانية القوية ويضرب حتى صيغة النظام الذي يحوله من نظام برلماني ديمقراطي إلى نظام رئاسي ابتدعه بالتعاون والتنسيق مع صهره النائب باسيل ومستشاره سليم جريصاتي”.

وبعيدا من المخالفات التي ترتكب بحق الدولة والدستور والشعب، يشير عريمط إلى الدور الصامت الذي تلعبه دار الإفتاء في مسألة تسمية رئيس حكومة. ويؤكد أنها تجري اتصالاتها بعيدا من الأضواء حفاظاً على الدستور والنظام والتزاماً بمصلحة اللبنانيين “فمجلس النواب هو من يختار رئيس الحكومة من خلال الإستشارات النيابية الملزمة لا رئيس الجمهورية ولا حتى رئيس حزب أو تيار أو تنظيم أو كتلة. وما نشهد عليه اليوم لجهة اختيار رئيس حكومة قبل الإستشارات النيابية الملزمة وتسمية وزراء قبل تكليف رئيس حكومة، يؤكد أننا لا زلنا نعيش في جهنم هذا العهد الذي دمر البلاد وأساء للمواطن وللعلاقات مع المحيط العربي”. ويختم: “حتى في حال ولادة قيصرية للحكومة فهي لن تكون إلا كسابقاتها أو على غرار حكومة الرئيس حسان دياب، حكومة تدير أزمة ولا تحل مشاكل لبنان”.